عقيدة المسلم (15) - الرُّقى .
الكاتب : مختصر من كتاب (أصول الإيمان)
الجمعة 12 ديسمبر 2014 م
عدد الزيارات : 3017

 

عقيدة المسلم (15) (*)
حماية المصطفى للتوحيد
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا أشد الحرص على أمته؛ لتكون عزيزة منيعـة محققة لتوحيد الله عزَّ وجل، مجانبة لكل الوسائل والأسباب المفضية لما يضاده ويناقضه، قال الله تعالى: {لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128].
وقد أكثر صلى الله عليه وسلم في النهي عن الشرك، وحذر وأنذر، وأبدأ وأعاد، وخصَّ وعم في حماية الحنيفية السمحة، ملة إبراهيم التي بعث بها، من كل مـا قـد يشوبها من الأقوال والأعمال التي يضمحل معها التوحيد أو ينقص، وهـذا كثير في السنة الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم فأقام الحجة، وأزال الشبهة، وقطع المعـذرة، وأبان السبيل.
وفي المطالب التالية عرض يتبين من خلاله حماية المصطفـى صلى الله عليه وسلم حمـى التوحيد وسده كل طريق يفضي إلى الشرك والباطل.
 
الرُّقى
تعريفها: الـرقى جمـع رقية، وهي القراءة والنَّفث طلبا للشفاء والعافية، سواء كانت من القرآن الكريم أو من الأدعية النبوية المأثورة.
حكمها: الجواز، ومن الأدلة على ذلك ما يلي:
فعن عوف بن مالك رضي الله عنه قال: (كُنَّا نَرْقِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ تَرَى فِي ذَلِكَ فَقَالَ: اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لَا بَأْسَ بِالرُّقَى مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شِرْكٌ) رواه مسلم.
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرُّقْيَةِ مِنَ الْعَيْنِ، وَالْحُمَةِ، وَالنَّمْلَةِ)، رواه مسلم.
ومعنى: (الْعَيْنِ): الإصابة بالعينِ بقدر الله، و(الْحُمَةِ): السُّم، مثل لدغة الثعبان، أو العقرب، أو نحوهما، و(النَّمْلَةِ): قروحٌ تخرج من الجنب.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذَا اشْتَكَى مِنَّا إِنْسَانٌ، مَسَحَهُ بِيَمِينِهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا) رواه البخاري ومسلم.
 
شروطها: لجواز الرُّقية وصحتها شروط ثلاثة:
الأول: أن يعتقد أنَّ الله هو الشافي، وأنَّها سبب لا تنفع إلا بإذن الله، فإن اعتقد أنها تنفع بذاتهـا من دون الله فهو محرم، بل هو شرك.
الثاني: أن لا تكون بما يخالف الشرع، كما إذا كانت متضمنة دعاء غير الله من الأحياء أو الأموات، أو استغاثة بالجن وما أشبه ذلك، فإنها محرمة، بل شرك.
الثالث: أن تكون مفهومةً معلومة، فإن كانت من جنـس الطلاسـم والشعوذة فإنها لا تجوز.
وقد سئل الإمام مالك رحمه الله: أيرقي الرجل ويسترقي ؟ فقـال: " لا بأس بذلك، بالكلام الطيب".
 
الرقية الممنوعة: كل رقية لم تتوفر فيها الشروط المتقدمة فإنها محرمة ممنوعة، كأن يعتقد الراقي أو المرقي أنها تنفع وتؤثر بذاتها، أو تكـون مشتملة على ألفاظ شركية وتوسلات كفرية وألفاظ بدعية، ونحو ذلـك، أو تكون بألفاظ غير مفهومة كالطلاسم ونحوها.
----------------
(*) مختصر من كتاب (أصول الإيمان) طباعة مجمع المصحف بالمدينة المنورة
 

https://islamicsham.org