تقرير إعلامي يومي يتضمن أهم الأخبار والتحليلات التي يتم جمعها من الصحافة العربية والأجنبية، ولا يعبر عن رأي الهيئة أو مواقفها تجاه الأحداث
"الأسد" يواصل تلاعبه بالمجتمع الدولي ويخرق هدنة وقف إطلاق النار.. الدلائل والتطورات
* يجيد نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" ما لا يجيده أي نظام آخر في العالم من فنون المراوغة والاحتيال والالتفاف على قرارات المجتمع الدولي والأسرة الدولية، بهدف تجميل وجهه داخليًا وخارجيًا ومن ثم إطالة عمره في الحكم فقط، فهذا النظام لا يقبل الهزيمة والخروج طوعًا من الحكم، وبالتالي سيظل يختلق الحجج والذرائع للهروب من خطة المبعوث الأممي ـ العربي "كوفي عنان"، فلم يمر سوى يوم واحد على إعلان قبول هدنة "وقف إطلاق النار"، وخرق النظام السوري الهدنة من خلال إطلاقه النار على المتظاهرين، ما أسفر عن قتلى ومصابين، ومواصلته قصف المواقع المدنية بالقذائف والصواريخ، هذا فيما تتواصل الجهود والتحركات الدولية لوضع حد للأزمة بالتزامن مع دعوات دولية لإيجاد ممرات إنسانية، وبمكن عرض ذلك على النحو التالي:
1ـ إطلاق النار على المتظاهرين:
* خرج عشرات الآلاف من المتظاهرين المناهضين لنظام "الأسد" إلى باحات وشوارع المدن والقرى في جمعة "ثورة لكل السوريين"، غداة تطبيق وقف إطلاق النار، وشاركوا في أكثر من 640 مظاهرة في 700 نقطة، ورفعوا شعارات تؤكد نبذ الطائفية، بينما ردت قوات النظام بإطلاق الرصاص على المتظاهرين، وقالت لجان التنسيق المحلية، إن النظام السوري سجل خروقات لوقف إطلاق النار في أكثر من 31 نقطة تظاهر، وأطلق النار على متظاهرين سلميين لتفريقهم.
2ـ مقتل 5 سوريين:
* لم يمر سوى يومين على هدنة وقف إطلاق النار، وأطلقت بالفعل قوات "الأسد" النار على المعارضين ما أسفر عن مقتل 5 منهم.
3ـ توالي عمليات القصف ضد المدن:
* أكدت لجان التنسيق السورية، إلى وقوع قصف على أحياء حمص، وخاصة القصور والقرابيص والخالدية، وحصول حملة اعتقالات في قدسيا بريف دمشق، إلى جانب قصف بلدة كفر نبل في إدلب.
1ـ التحركات والجهود الدولية لوضع حد للأزمة:
أـ مناقشة مجلس الأمن مشروع قرار بإرسال مراقبين إلى سوريا(2):
* شهدت الجلسة المغلقة لمجلس الأمن، مناقشات ساخنة حول مشروع القرار الذي تقدمت به كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة لإرسال مراقبين إلى سوريا لمتابعة تنفيذ خطة المبعوث الدولي "كوفي عنان"، وطالب مشروع القرار بإعادة القوات العسكرية السورية إلى ثكناتها والانسحاب من المراكز السكانية "بشكل واضح" وفي حال عدم التزام دمشق بتعهداتها فإن مجلس الأمن سيدرس اتخاذ التدابير التي يراها مناسبة، وطلب "عنان" من مجلس الأمن المكون من 15 دولة الموافقة على إرسال بعثة مراقبة تابعة للأمم المتحدة (مكونة من 30 مراقبًا) في أسرع وقت إلى سوريا، مضمون أو نص القرار:
ـ الدعوة إلى التطبيق الفوري لجميع نقاط خطة "كوفي عنان" اليوم 14/4 ويطالب الحكومة السورية باحترام حق الشعب السوري في التظاهر السلمي في إطار القانون.
ـ مجلس الأمن يعرب عن نيته تشكيل مهمة مراقبين على الفور في سوريا للإشراف على وقف المعارك والمساعدة في تطبيق خطة "عنان" بالكامل.
ـ يتم في المرحلة الأولي نشر ثلاثين مراقبًا عسكريًا غير مسلحين، وأن تقوم الحكومة السورية بتقديم ضمانات تتيح للمراقبين القيام بمهمتهم، وأن تضمن دمشق سلامتهم الشخصية وتمكينهم من الانتقال والحركة دون عوائق في كافة أنحاء البلاد والسماح لهم بدخول أي مكان أو منشأة تراها البعثة ضروريا دون إخطار مسبق، والاتصال بحرية مع السكان كما يتعين أن يكونوا قادرين على التواصل مع مقر الأمم المتحدة دون عوائق.
ـ تحذير النظام السوري من عدم الالتزام الكامل بتنفيذ خطة "عنان" بشكل كامل وواضح واتخاذ خطوات إضافية وتدابير مناسبة (وهو ما تراه روسيا يحمل في طياته تحذيرات للنظام السوري).
ب ـ المباحثات القطرية ـ العربية ـ الأممية(3):
* بحث رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري "حمد بن جاسم بن جبرآل ثاني" آخر تطورات الأوضاع السورية مع كل من "نبيل العربي" أمين عام الجامعة العربية و"أحمد داود أوغلو" وزير لخارجية التركي و"كوفي عنان" المبعوث الخاص المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا، وذلك خلال اتصالات هاتفية تلقاها معاليه من المسؤولين الثلاثة.
ج ـ المباحثات التركية ـ السعودية(4):
* أجرى الملك "عبد الله بن عبد العزيز" ورئيس وزراء تركيا "رجب طيب اردوغان" بالرياض محادثات تركزت على الوضع في سوريا غداة دخول وقف إطلاق نار هش حيز التنفيذ، وقال السفير التركي بالسعودية أن "الملفات الإقليمية الرئيسية وعلى رأسها الملف السوري طرحت خلال المشاورات"، وأضاف أن "تركيا تعطي أهمية كبرى للتنسيق مع السعودية بصدد الأزمة".
2ـ مسألة إقامة ممرات إنسانية(5):
* دعا "عنان" إلى ضمان وصول مساعدات إنسانية إلى أكثر من مليون شخص في سوريا هم بحاجة إليها.
* اقترحت باريس، التي دعت الأسد إلى التنحي، إقامة ممرات آمنة لمنظمات إغاثة إما بموافقة دمشق أو بتفويض دولي لإرسال الطعام والدواء إلى المدنيين المحاصرين وسط القتال بين قوات "الأسد" ومقاتلي المعارضة. وبموجب الخطة الفرنسية لتوصيل المساعدات تقام ممرات آمنة تربط كلاً من تركيا ولبنان والأردن بساحل البحر المتوسط أو بمطار. وقال وزير الخارجية الفرنسية "آلان جوبيه" إنه يمكن حماية هذه الممرات من خلال مراقبين مسلحين، لكنه استبعد أي تدخل عسكري مباشر. وقالت مصادر دبلوماسية إن إقامة الممرات يحتاج قرارًا من الأمم المتحدة لكن لم يتضح من سيتولى حمايتها، سواء كانت من قوات حفظ السلام أو المراقبين غير المسلحين.
* حث عضو المجلس الوطني السوري "محمد سرميني"، الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، على الدفع باتجاه فتح ممرات إنسانية لإغاثة المناطق المنكوبة، مشددًا على وجوب أن تقوم "قوات دولية بإيجادها وحمايتها"، وأوضح أن عدد المتضررين جراء الأحداث السورية وصل إلى 3 ملايين متضرر، هم أسر الشهداء والمعتقلين والنازحين(6).
3ـ الإصرار الروسي على حماية مصالحة بسوريا(7):
* أعلنت مصادر وزارة الدفاع الروسية عن قرارها بشأن وجود عدد من السفن العسكرية الروسية في البحر المتوسط للإبحار على مقربة من الشواطئ السورية، بصفة مستمرة، وأضافت:
ـ سفينة الحراسة "سميتليفي" التابعة للأسطول الروسي, التي تحمل على متنها مجموعة من مشاة البحرية المنوط بهم القيام بتأمين السفينة، تواصل القيام بمهام الحراسة في هذه المناطق، ومن الواجب مواصلة أداء هذه المهام حتى شهر مايو المقبل.
ـ السفينة "سميتليفي" انضمت إلى الأسطول السوفيتي في عام 1969، بينما جرى مؤخرًا تحديثها وتسليحها بصواريخ مضادة للسفن والطائرات وقنابل وصواريخ بحرية (طوربيدات).
ـ ليس من المستبعد أيضًا إرسال مجموعة من السفن التابعة لأسطول البحر الأسود إلى نفس هذه المنطقة في البحر الأبيض المتوسط، الذي يدخل ضمن إطار مناطق عمل "أسطول البحر الأسود" الروسي.
ـ توجد ثلاث سفن أخرى تابعة للأسطول الروسي في المنطقة، وهي سفينة الاستطلاع "كيلدين"، وناقلة الوقود "إيمان"، وسفينة الخدمات الفنية "بي إم – 138".
1ـ لماذا طال وقت تحرير سوريا من قبضة القمع؟ (8) :
* الإجابة عن هذا التساؤل تتضح من خلال قراءة الماضي، فما يفعله النظام الحالي في الشعب السوري هو امتداد طبيعي للنظام الماضي الذي كان يخشي دائما "الاضطهاد"، الذي قد وقع بالفعل على الطائفة العلوية في السابق، فأصيبت العائلة بخوف مرضي، ولم تفهم تغير الزمان واختلاف الظروف، فكانت وسيلتها للاحتفاظ بالسلطة عن طريق الطغيان غير المحدود مغطى بشعارات حديثة، وحاولت الاستفادة من دروس الماضي بحذر، وهو ما بدا فعليًا من خلال:
ـ الاعتماد على أجهزة المخابرات في الداخل: فقد كان التطبيق العملي للاحتفاظ بالسلطة واستمرارها، هو قيام النظام الاسدي بالاعتماد علي ما يقارب تسعة أجهزة مخابراتية تستخدم لإخضاع المشكوك في ولائهم، كما تقوم بمتابعة بعضها بعضًا. واستخدام كافة أنواع وطرق التعذيب (حوالي 38 طريقة للتعذيب كانت ومازالت معتمدة في سوريا في عهد "حافظ" و"بشار").
ـ الاعتماد علي الشعارات واستقرار الحدود في الخارج: فتاريخ النظام يوضح انه لم يكن جادا يومًا في تحرير الأرض السورية، فقد كانت سيرة "الأسد" الأب وتبعه الابن، معتمدة على أن الشعارات هي الأهم من الأفعال. كما يمكن تفسير قبول الدول الكبرى بقاء النظام ـ برغم أساليبه القمعية ـ إلى استعداده للحفاظ على هدوء كامل على طول حدوده مع إسرائيل، وهو الأمر الذي يفسر انسحابه السريع من لبنان، لما وجد أن هناك تهديدا حقيقيا لبقاء النظام.
ـ تحويل الجيش والسلطة الأمنية إلى جيش وسلطة أمنية عقائدية: ففي كافة الدول هناك ما يسمى بـ "الجيش المهني" الذي له مواصفات معروفة، وله أيضًا عقيدة قتالية محددة غالبًا لها علاقة بالخارج لا الداخل، على مر السنين حول نظام "الأسد" الجيش السوري إلى جيش عقائدي، وكان هذا التحول عن طريق وضع رموز من الطائفة التي يثبت ولاؤها للأسرة الأسدية، وهي المكونة من أسر "شاليش"، "مخلوف"، "نجيب" بجانب الأسرة الأسدية، في قلب متخذي القرار في المؤسسات الأمنية ومؤسسة الجيش، أما الباقون وإن كانوا في مراكز متقدمة، فإنها مراكز صورية لا أكثر، منها موقع "مصطفى طلاس"، الذي تفرغ وهو قائد للجيش لأمور أخرى.
ـ الحفاظ علي السلطة للأسرة العلوية: فعن طريق ثنائية القمع والفساد استطاع النظام الأسدي أن يناور من أجل هدف واحد، هو الحفاظ على السلطة للأسرة، وللوصول لهذا الهدف أستخدم في ذلك مفردات وشعارات أمطرت الذاكرة السورية لعقود طويلة، كما استُخدم قانون الطوارئ، لإسكات الخصوم وتعزيز موقع الأسرة، وكان في قمة الهزل تسلم "بشار" نفسه السلطة وتغيير نصوص الدستور في يوم وليلة.
ـ تدشين مفهوم العصبية الطائفية: فقد شكل النظام طيلة هذه السنوات عصبية طائفية ضيقة، تغذت على تخويف للطوائف الأخرى وخوف منها، وحملت شعارات حديثة تخفي خلفها قوة باطشة لا ترحم، وسجونًا مأهولة بأشكال من المعارضين، كل ذلك بسبب خوف مرضي دائم من فقدان الحكم.
2ـ ضعف الحلول الدبلوماسية في مواجهة الأزمة (9):
* في ضوء الضعف الذي يتسم به المشهد السوري داخليًا وخارجيًا، من حيث ضعف الدول الغربية اتخاذ إجراءات لحل الأزمة. فضلا عن مجلس الأمن الدولي المثقل بالضعف ليس فقط بسبب الفيتو الروسي الصيني الذي يكرسه، وإنما أيضًا لأنه علق قبعته على المبعوث الأممي والعربي "عنان"، الذي بدوره تكبل بالضعف، فالاستضعاف جزء أساسي من لغة الدبلوماسية. وفي هذا الإطار يمكن توضيح الآتي:
ـ المشهد السوري يتراوح ما بين:
ـ ما نشهده الآن هو تداخل بين دبلوماسية التوفيق وتصادم المفاهيم. فالمبعوث الأممي والعربي المشترك "كوفي عنان" ينطلق في مهمته الموكلة إليه من منطق أن لا مجال لنجاح عملية دبلوماسية إذا ارتكزت على المطالبة بتنحية "الأسد" عن الرئاسة. في الوقت الذي يعتقد فيه الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" أن نظام "الأسد" احترق سياسياً ولا مجال سوى لخروجه أو إخراجه من السلطة. كلاهما قرأ المعطيات السياسية لدى الدول الكبرى، لا سيما الولايات المتحدة، ووجد أن لا مناص من الدبلوماسية حتى وإن كانت أساساً موعودة بالفشل.
ـ المبادرة التي طرحها "كوفي عنان" نابعة من رؤيته للدبلوماسية التي تتطلب الصبر من وجهة نظره، فهو يقرأ الخريطة السياسية ليجد أن لا أحد من الدول الكبرى يريد العجلة بل معظم الدول يرضى بأن يكون القليل أفضل من لا شيء. لكن الواقع يفيد بأنه لن يتمكن من الاستمرار في إدارة العلاقات بين الدول الكبرى فيما القيادة السورية تستهدف الناس أمنياً. فلا مجال أمامه سوى الإقرار بأن إعطاء المهلة تلو الأخرى سيترجَم بإطالة النزاع، وهذا بدوره ينذر بحرب أهلية بدل أن يحول دون اندلاعها، فالإطالة والسماح بالمماطلة هو الذي سيقوي العناصر المتطرفة المسلحة ويرجح كفتها على كفة ثورة الناس.
ـ استقطاب إيران إلى العملية الدبلوماسية التوفيقية قد يبدو منطقيًا، لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية جزء عضوي من الأزمة السورية. إنها لاعب في قمع السوريين وفي تحويل سوريا إلى أداة إيرانية تستخدمها طهران في إطار صراع إقليمي مع الدول العربية، وفي استراتيجية التواصل مع "حزب الله" اللبناني. وبالتالي، أي حل ترضى به طهران سيشترط مسبقًا إضعاف المعارضة السورية والتمسك بالنظام في دمشق.
ـ المخاوف من خطة "عنان" السداسية التي دعمها مجلس الأمن، تكمن في أن تتحول إلى عملية إلهاء مطاطية على نسق عملية التفاوض المعروفة بـ( 5+1 أو 3+3)، أو أن تتحول إلى عملية مفتوحة الأفق، على حساب المدنيين، إذا اتخذت دمشق مجرد خطوات إجرائية للإلهاء وشراء الوقت.
3ـ قراءة في أوهام النظام السوري.. تحويل الثورة إلى قضية التقسيم والطائفية (10):
* في الوقت الذي كان يهتف الشعب السوري بالوحدة والتضامن، حاولت القيادات السورية وأعوانها في الخارج تدشين مفهوم الانقسام والطائفية، حيث إن:
ـ روايات النظام بشرت بالطائفية والانقسام المجتمعي، بل أن النظام قد صنع لنفسه طائفة تدعي أنها حامية الأقليات، شكلها من كل انتهازيي طوائف الشعب السوري المختلفة. وساهم في تضخيم الإشاعة عن دولة علوية كمخرج تقسيمي لسوريا، وهنا يمكن إلقاء الضوء علي الأتي:
ـ النظام السوري حاول بمساندة علنية مادية ومعنوية من طهران وبغداد والضاحية الجنوبية والرابية، أن يتجه إلي لعبة تحالف الأقليات، إذ يستخدم المسحوقين والفقراء من العلويين والسن، فضلاً عن الشيعة والمسيحيين ويضمهم في اللعبة .
ـ رغم أن الشعب السوري يتحدث عن دولة المواطنة لا دولة السيد والعبيد، إلا أن تصريحات "لافروف" الأخيرة عن دولة سنية، تعد أصدق دليل عما يخطط له هؤلاء لأجل حماية نظام فاشي يلفظه شعبه ولتحسين شروط التفاوض على المصالح.
ـ اتجه النظام إلي اللعب على مصالح الشعب الكردي بمحاباة بعض تياراته المعروفة باسم "برلمان غرب كردستان" ، يعني أن هذا النظام يهرب إلى الأمام نحو حالة من الطائفية والتقسيم للمجتمع السوري بما يكفل له اللعب على المتناقضات.
ـ دشن نظام "الأسد" اليوم بهذا الأسلوب، "سايكس ـ بيكو" جديدة داخل وبين المدن السورية، بحجة محاربة المؤامرة، ويأتي هذا برغم إصرار الدول العربية والشعب السوري على وحدته ووحدة وسيادة الشعب وبناء دولة وطنية ديمقراطية تعددية تكون المواطنة فيها حجر الزاوية دونما تفريق على أساس ديني أو قومي.. إذن فلماذا يذهب هذا النظام نحو لعبة الأقليات ؟ ولماذا يساعده البعض في لعبته هذه؟
ـ خطورة ما يوحي به هذا النظام هو تصديقه لحالات التملق التي رأت في الشعب السوري شعبا خائنًا غير قادر على فهم الممانعة وفهم التعايش، بل والتشويش على مكوناته بالإيحاء للدول العربية والغربية وما صار يُطلق عليه أقليات.
ـ هدف النظام السوري هو تحويل الثورة السورية، التي ضمت مدنيين سلميين كأخوة متناغمين مع تراث قيم لكل من العرب والأكراد والمسلمين والمسيحيين واليزيديين وغيرهم من الملل، إلي انقسامات عبر تطبيق سياسة "فرق تسد" والدس بين المدن السورية بسياسات تحابي وتميز. فكل ما يقوم به النظام هو إخافة الجميع من الجميع وتحويل الثورة السورية إلى قضية معارضة وسلطة.
4 ـ ذكرى الحرب اللبنانية وتصاعد الأزمة السورية (11) :
* يستدعي إحياء ذكرى اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية قبل 37 عامًا، في 13/4/ 197، الخواطر والمحطات والمقارنات مع هذه الأيام، فالذكرى هذه السنة في لبنان تتضمن أبعادًا أخرى وثيقة الصلة بتصاعد الأزمة السورية والمواقف الخارجية المحيطة بها، وهو ما يمكن توضيحه كالآتي:
ـ أوجه المقارنة والتشابه والاختلاف كثيرة، إلا أن هناك نقطة تمايز رئيسية في ما يحصل في سوريا عن بقية الحروب الأهلية والثورات، فوقائع الثورة السورية تقتضي من أي مراقب أن يسجّل أن ما من ثورة في التاريخ، استمر جزء من الشعب ينزل إلى الشارع أعزل من دون سلاح، من أجل أن تستمر، وسط قدر كبير من الأسلحة، في شكل يومي وعلى مدى 14 شهراً، من دون خوف أو تراجع، مع أن الموت أمام عينيه.
ـ يخوض الشعب السوري تجربة فريدة سيسجلها التاريخ. فثمة ثورات دامت 25 عاماً مثل جنوب أفريقيا، وأخرى دامت 10 سنوات مثل الثورة الفرنسية، وغيرها استمرت عقوداً لكنها اعتمدت بالكامل على السلاح والعمليات العسكرية فقط، وهناك ثورات دامت سنوات وشهدت تدفقاً بالملايين إلى الشارع في شكل متقطع وغير يومي مثل الثورة الإيرانية، إلا أن ما من شعب واصل يومياً احتجاجاته وسط بطش وظلم ومجازر كالتي تحصل ضده في سوريا.
ـ يختلف لبنان عن سوريا، حيث أن من هم في السلطة في دمشق هم الذين يقودونها إلى الحرب الأهلية، بينما في لبنان تلاقت إرادات من لهم اليد الطولى في السلطة مع أولئك الذين يطمحون إلى دور أكبر فيه، وليس صدفة أن النظام نفسه في سورية، كان طرفًا في حرب لبنان الأهلية، وكان شريكًا أساسيًا فيها (والبعض يرى أنه كان مفتعلها الأول مع دول أخرى). أي إنه سبق أن تمرن على افتعال حرب أهلية ويعرف كيف تدار مع إنكار تورطه فيها، إلى درجة تصوير نفسه المنقذ منها، إنه يكرر اللعبة نفسها، مع اختلاف الساحة واللاعبين والرقعة الجغرافية ومدى اتساعها.
ـ تستهلك الحروب الأهلية الوساطات والمبادرات والمبعوثين العاملين على وقفها كما حصل مع الوسطاء العرب الكثيرين منذ بداية الأزمة السورية الذين سعوا إلى التوسط من أجل الإصلاحات في سورية (مثل قطر، تركيا، الجامعة العربية) تمامًا كما حصل مع الفرنسيين والفاتيكان واللجان العربية الرباعية والسداسية وحسن صبري الخولي في الحرب اللبنانية.
ـ حين تجد الدول الكبرى والقوى الخارجية ألا بدائل لديها عن مبادرة تموت، تجد طريقة في التمديد لهذه المبادرة واختراع آمال في إمكان إحيائها وإنجاحها تمهيدًا لظروف تسمح بتوافق على غيرها لاحقًا، تمامًا كما حصل مع "كوفي عنان" الذي نجحت موسكو في التمديد لمهمته عبر الإصرار على القيادة السورية أن تقبل بمهلة سحب الدبابات من المدن، بعدما كادت تفشل لعدم التزام النظام بتلك المهلة.
5ـ الإدارة الأمريكية والتهرب من استحقاقات الأزمة (12) :
* أرادت الإدارة الأمريكية التنصل من الواقع السوري والأزمة المتفاقمة من خلال الإعالة علي تجربة كوريا الشمالية وإطلاق صاروخها. فقد جعلتها قضية سياسية تتهرب بها من استحقاقات ما يحدث بسوريا من جرائم على يد قوات "بشار الأسد"، والدليل على ذلك:
ـ سعي واشنطن إلى عقد جلسة بمجلس الأمن، بل إن إدارة "أوباما" أشغلت الإعلام بقصة صواريخ كوريا الشمالية، وبلغ الأمر إلى حد أن البيت الأبيض صرح قائلاً: "إنه رغم فشل محاولة كوريا الشمالية لإطلاق صاروخ، فإن ذلك يعد عملاً استفزازيًَا يهدد الأمن الإقليمي، وينتهك القانون الدولي".
ـ اعتبار إدارة "أوباما" مجرد فشل إطلاق صاروخ انشطر إلى أربعة أجزاء في الجو عملاً استفزازيًا يهدد الأمن الإقليمي، وينتهك القانون الدولي، بينما مقتل ما يزيد على أحد عشر ألف سوري، على يد قوات "الأسد"، ناهيك عن مليون سوري يحتاجون للمساعدة الفورية، لا يعتبر انتهاكًا للقانون الدولي، والأمن الإقليمي، ناهيك عن انتهاك قوات "الأسد" للحدود التركية واللبنانية.
ـ رغبة إدارة "أوباما" في إشغال العالم بقصة الصاروخ الكوري الشمالي، بحجة حماية القانون الدولي، والأمن الإقليمي. في الوقت الذي اخترقت فيه قوات "الأسد" كافة القوانين، وهو التهديد الفعلي للأمن الإقليمي، فـ"الأسد" لم يلتزم بوقف إطلاق النار كما ورد بمبادرة "عنان"، ولا التزم أصلاً بخطته القاضية بسحب القوات من المدن، ولا بالسماح للمظاهرات، أو دخول الصحافة الدولية، ناهيك عن الإفراج عن المعتقلين، وغيرها من بنود مبادرة "عنان"، ولا التزم بأي مبادرة سابقة.
6ـ سوريا .. الثورة مستمرة (13) :
* لم تمنع عمليات الانتشار الأمني الكثيف واستمرار ضخامة الحواجز العسكرية في المدن والبلدات السورية وعدم سحب الجيش والأسلحة الثقيلة لإعادتها إلى ثكناتها، عشرات آلاف من المتظاهرين السوريين المناهضين لنظام الرئيس "بشار الأسد" من الخروج إلى الشوارع في جمعة جديدة، كان شعارها "ثورة لكل السوريين". إن اليوم الثاني (14/4) من سريان تطبيق خطة "كوفي عنان"، يكشف بجلاء أن:
ـ نظام "بشار الأسد" لا يزال يواصل خرق البند الأول الذي ينص على وقف العنف وسحب الجيش والأسلحة من المدن، ناهيك عن بقية البنود، فقد دوى صوت الرصاص في أكثر من منطقة، وأسفر ذلك عن سقوط قتلى وجرحى، وحاصرت قوات الأمن والجيش التي انتشرت بكثافة بكل آلياتها في المدن والبلدات والمساجد، وقمعت السكان والمصلين في محاولة لمنعهم من التظاهر. أما فيما يتعلق بالبنود الأخرى، فان التزام دمشق لا يزال صفرًا كبيرًا، حيث ترتفع النداءات والمناشدات الموجهة للنظام بالسماح بدخول المساعدات الإنسانية ووسائل الإعلام إلى سوريا، والإفراج عن المعتقلين على خلفية الأحداث، والسماح بالتظاهر السلمي.
ـ برغم عدم التزام النظام السوري ببنود خطة المبعوث الدولي والعربي المشترك كوفي عنان كاملة، واستمرار سقوط قتلى بإطلاق النار على المعارضين، فإن تزايد عدد السوريين المشاركين في المظاهرات المطالبة بالتغيير وإسقاط نظام البعث الحاكم، تبعث نوعًا من الأمل في رجوع الثورة السورية إلى طريقها الأول وهو طريق الانتفاضة "السلمية" للتعبير عن رغبة الشعب في التغيير، بعد أن أجبر بعض المعارضين في الأشهر الأخيرة على حمل السلاح دفاعًا عن النفس في مواجهة آلة القمع الدموي والتقتيل، إثر الحملة العسكرية واسعة النطاق التي شنها النظام بدباباته وأسلحته الثقيلة على البلدات الثائرة.
ـ التحركات السياسية النشطة التي جرت على الصعيدين الإقليمي والدولي يوم أمس، خاصة المحادثات التي أجراها الشيخ "حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني" رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية مع كل من "كوفي عنان" و"نبيل العربي" أمين عام الجامعة العربية، و"أحمد داود أوغلو" وزير الخارجية التركي، والقمة السعودية ـ التركية التي استضافتها الرياض(13/4)، فضلاً عن المباحثات التي تدور حاليًا على الساحة الدولية، سواء في نيويورك أو في بقية العواصم الكبرى، ينبغي أن تعمل كلها في اتجاه واحد، أي الضغط على النظام السوري لوقف سياسة المراوغة، وإرغامه على الوفاء بتعهداته التي قطعها أمام المجتمع الدولي.
7ـ المشهد السوري بعد وقف إطلاق النار (14) :
* لا أحد يعتقد بجدية وقف إطلاق النار من قبل قوات النظام، بما في ذلك صاحب المبادرة مندوب الأمم المتحدة "كوفي عنان"، وسرعان ما ستنهار الهدنة والمبادرة لاحقًا، وفي هذا الإطار يمكن إلقاء الضوء علي الملاحظات الآتية:
ـ المشهد السوري المتأزم مع وجود المبعوث الدولي، يفترض وجود احتمالين من الناحية النظرية؛ أما نهاية العنف والقبول بحل سلمي أو استمرار القتل والعودة للمواجهات بين النظام والشعب. أما على أرض الواقع، إننا أمام احتمال واحد فقط وإحدى نتيجتين، فالاحتمال المتنبئ هو فشل مبادرة المبعوث "كوفي عنان" في وقف القتل، والنتيجة:
ـ النظام السوري قبل المبادرة فقط للاستمرار في كسب المزيد من الوقت، وتدوير دعوى الجماعات المسلحة لتبرير الحرب من جانبه، وتخفيف الضغط عن حليفته موسكو. فمبادرة "عنان"، كانت مجرد وسيلة تخدم النظام وحده، ولا قيمة للمبادرة طالما أن الموقف الروسي واضح وصريح بأنه سيستخدم الفيتو ضد أي قرار يدين "الأسد".
ـ مبادرة "عنان"، قد تكون آخر المبادرات، إلا من واحدة أخيرة، وهي مبادرة "إنقاذ النظام" إذا حاصر الثوار العاصمة دمشق، هنا تصبح جادة، والنظام هو نفسه من سيدعو إليها. وهي مسألة تعتمد على قدرة السوريين على الاستمرار في مظاهراتهم، وقدرة الثوار على تغيير ميزان المعركة.
ـ علاقة المبادرات السابقة والوساطة المختلفة، بتصرفات النظام داخليًا، تؤكد أنها منحته ثقة في ذاته برفع مستوى العنف والقتل، فهو في البداية كان يستخدم الشبيحة، ثم صار يسمح لقواته الأمنية بالمشاركة في إطلاق النار علانية، ولاحقًا استدعى الجيش ونشره في المدن والأرياف بعد أن كبر حجم المظاهرات، وبلغت في بعضها أكثر من نصف مليون. والسبب أن النظام كان يخشى في البداية من عواقب التدخل الدولي، وأمامه سوابق مثل البوسنة وليبيا. وبعد أن وجد أن روسيا والصين مستعدون للدفاع عنه في مجلس الأمن، مهما استخدم، لم يعد يبالي بنوعية الأسلحة وضخامة المجازر التي ترتكبها قواته.
ـ رغم استخدم النظام وقواته كل درجات العنف لأكثر من عام، إلا أنه قد فشل في كبح جماح الثورة، مما يطيل من عمره فقط ولا يديم بقاءه. والحقيقة أن إطالة الأزمة ستنجح في نشر الفوضى في البلاد، وهي الذريعة التي تتذرع بها الكثير من الدول لتبرير الامتناع عن التدخل، في حين أن عدم التدخل أو عدم دعم الثوار في الحقيقة يتسبب في إطالة الأزمة ودخول جماعات فوضوية، مثل الجماعات الجهادية وغيرها.
ـ يتبقى على المجموعة الدولية أن تدرك مخاطر الأزمة السورية على المنطقة والعالم، وأن تعرف أنه لا يوجد سوى حل فاعل واحد، وهو دعم الثوار السوريين والتعجيل بإنهاء المأساة. فالنظام لن يقف عن القتل حتى يخسر، وهذه حقيقة جلية، فهو قادر على استخدام أكثر من نصف مليون من قواته الأمنية والعسكرية وأسلحته الثقيلة، بما فيها الطائرات المقاتلة والمروحيات والدبابات لقصف المدن دون رادع.
8 ـ مبادرة "عنان" والفشل المتوقع (15) :
* الجميع الآن ينتظر إعلان "كوفي عنان" المبعوث الدولي فشل التزام السلطات السورية بقرار وقف إطلاق النار للبحث في الخطوات المقبلة التي يمكن أن تترتب على هذا الفشل سياسيًا وعسكريًا، حيث إن:
ـ منذ الدقيقة الأولى لبدء تطبيق الاتفاق بدأت الشكوك في التزام النظام بها، وبثت أجهزة إعلام المعارضة تصريحات تؤكد استمرار الاشتباكات والقصف في حمص وغيرها.
ـ الاتفاق الوحيد بين النظام والمعارضة هو أن الطرفين يريدان فشل مهمة "عنان"، فالنظام يريد إنهاء المعارضة بالقوة المدمرة، والمعارضة تريد تدخلاً عسكريًا خارجيًا لإنهاء النظام.
ـ في حال فشل مهمة "كوفي عنان"، وهو فشل متوقع حدوثه في نهاية المطاف، فإن "أصدقاء سوريا" سيرون في هذا الفشل مقدمة لأحد خيارين: الأول تدخل عسكري كامل من حلف الناتو، والثاني إقامة منطقة حظر جوي داخل الأراضي السورية، في ظل:
(1) الشرق الأوسط، رويترز، راديو سوا، إيلاف، العربية نت، الجزيرة نت، إيلاف، 14/4/2012.
(2) الشرق الأوسط، 14/4/2012.
(3) الشرق القطرية، 14/4/2012.
(4) وكالة الأنباء السعودية، وكالة أنباء شرق الأناضول، 14/4/2012.
(5) الشرق الأوسط، وكالة الأنباء السعودية، 14/4/2012.
(6) الشرق الأوسط، 14/4/2012.
(7) وكالة أنباء ريا نوفوستي، 14/4/2012.
(8) محمد الرميحي، الشرق الأوسط، 14/4/2012.
(9) راغدة درغام، الحياة، 14/4/2012.
(10)اليأس اليأس، القدس العربي، 12/4/2012.
(11) وليد شقير، الحياة، 13/4/2012.
(12) طارق الحميد، الشرق الأوسط، 14/4/2012.
(13) رأي الشرق القطرية، 14/4/2012.
(14)عبد الرحمن الراشد، الشرق الأوسط، 14/4/2012.
(15) رأي القدس العربي، 13/4/2012.
أكد عضو الهيئة الوطنية السورية للتغيير ومؤسس كتلة أحرار الشام "أحمد رياض غنام" أن سوريا ستكون بوابة العرب لتقسيم الشرق الأوسط إلى دويلات صغيرة لتصل إلى ما قبل "سايكس ـ بيكو 1916 (كانت تفاهمًا سريًا بين فرنسا والمملكة المتحدة بمصادقة من الإمبراطورية الروسية على اقتسام الهلال الخصيب بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق النفوذ في غرب آسيا بعد تهاوي الإمبراطورية العثمانية، المسيطرة على هذه المنطقة، في الحرب العالمية الأولى)، موضحًا أن سوريا تحمل الكثير من مقومات التقسيم، وأن الأكراد اتفقوا مع الغرب على إقامة دويلة كردستان، وأن نظام "بشار الأسد" يمهد لإقامة دولة العلويين على ساحل البحر المتوسط، مقيمًا الثورة السورية على النحو التالي:
أولاًـ سوريا نقطة انطلاق تقسيم الوطن العربي:
ـ الثورة السورية بدأت ككل ثورات الربيع العربي سلمية، ثم حدثت انشقاقات في جيش النظام، هذه الانشقاقات تحولت إلى ما يسمى بالكتائب أو الجيش الوطني الحر، وهذا الجيش بقى كخط دفاع خلفي عن المتظاهرين، أي إن الحالة السلمية للثورة استمرت، ولكن الحق المكفول والخاص بحق الدفاع عن النفس للشعب السوري يمارسه بواسطة الجيش الحر، كما أن الثورة السورية كانت ذات مسارات متعددة أي إنها ثورة مرحلية، المرحلة الأولى أخذت طابعًا سلميًا في المطلق ثم مزيدًا من العسكرية في المرحلة التي تلت ثم جاء تشكيل ما يسمى بالمجلس الوطني السوري وتم تشكيله من قبل "الإخوان المسلمين" السوريين.
ـ التقسيم لا يحدث إلا إذا كانت الدولة تحمل مناخ هذا التقسيم، والأسس التي تعكسها سوريا وتعكس الرغبة في التقسيم كثيرة ، منها: دعوة الأكراد علنًا لتكوين دولة كردستان في منطقة الشمال والإعلان أصبح بصورة معلنة منذ أن بدأت الثورة السورية وكانوا يقولون قديما إنهم يريدون دولة فيدرالية، وأن يكون لهم خصوصية، ولكنهم الآن يطالبون بدولة كردية، والنظام السوري نفسه يتلاعب بهذا، فهو يحتاط من نتائج الثورة السورية عليه، لذلك سيذهب إلى الدولة العلوية التي تبدأ من الحدود التركية حتى حمص التي يعمل على تهجيرها بعد قصفها ويأتي بأسر لتوطينها بعد أن يستعين بالشبيحة ، والآن عمليات القصف تتركز على حمص من أجل التطهير العرقي، وهذا يؤكد أنه يستعد للذهاب إلى تلك المنطقة لإقامة الدولة العلوية وجميع المقاومات التي يحتاجها لإقامة دولته موجودة فلديه الطرق البحرية والبرية والميناء الجوي، وقاموا بسرقة معظم المخزون من الذهب والصواريخ الجرثومية والكيماوية، ولذلك يتخوف الغرب من التدخل العسكري التي نقلها إلى الساحل الشمالي، لذلك لديّ تخوف شديد من سيناريو التقسيم، فالتقسيم ينتج منطقة غير مستقرة، وهذا لن يحدث الآن التقسيم سيضر بعاملين (الأول) منابع النفط و(الثاني) إسرائيل الطفل المدلل.
ـ الرهان سيكون على ممارسة المزيد من الضغط على المعارضة السورية من أجل الدخول في حوار مع النظام، وهذا خطير جدًا وقد يؤدي إلى تقويض الثورة السورية، مما يضطرنا إلى اللجوء إلى سيناريوهات أكثر تعقيدًا للشعب السوري، وفي نهاية المطاف قد تتعرض سوريا إلى التقسيم للأسف الشديد.
ثانيًاـ خصوصية وشكل النظام السوري الحاكم:
ـ المقولة التي أطلقها الرئيس المصري المخلوع "حسني مبارك" بأن ما حدث في تونس لا يجب أن يحدث في مصر وأن ليبيا ليست كمصر، هي مقولة صحيحة لا نستطيع أن نجري إسقاطًا سياسيًا على الأحداث في دول الثورات، فلكل دولة خصوصياتها الاجتماعية والثقافية، ففي سوريا على سبيل المثال نظام طائفي متوحش من طائفة واحدة ومعظم رجالات الدولة سواء في الجيش أو الحكومة من هذه الطائفة، ومن يستفيد من هذا الحكم هو الطائفة العلوية، ومن يعملون ويستفيدون منهم من بعض الطوائف الأخرى وهم أقلية، وهي الطبقة الفاسدة مما يعني أن النظام السوري نظام غارق في الطائفية، ولهذا أتحدى قرية واحدة من القرى العلوية أن تكون قد خرجت ضد النظام الفاشي لأنها تستفيد بشكل أو بآخر من هذا النظام، والدليل الآخر أن الفئة المثقفة من الطائفة العلوية بعد مضي 6 أشهر لم يستطيعوا أن يشاركوا في الحراك السياسي، بل بقي المثقفين والفنانين والرياضيين والأدباء يشجعون ويدعمون هذا النظام حتى هذه اللحظة، وهذا يعني أننا لا نستطيع أن نعطي براءة ذمة لهذه الطائفة وهي مدانة والصيغة الرئيسية لها هو أن النظام الطائفي يتحكم في سوريا من الشرق للغرب ومن الشمال إلى الجنوب.
ـ طبيعة قوة النظام السوري في الداخل السوري يعود إلى العلاقات الدولية المتشابكة مع الأتراك وإيران والعراق على خلفية طائفية واحدة ويحمل النقيضين عندما أقام أو ادعى أنه يقيم علاقات تصادمية كبرى بين أطراف عملاقة مثل الأمريكان التي ساعدها كثيرًا في تمرير معلومات عن تنظيم القاعدة رغم أنه يدعي أن الأمريكان العدو اللدود، بالإضافة إلى العلاقات التي مارسها مع الجانب الروسي.
ثالثًاـ الدعم الإيراني لبقاء النظام السوري في الحكم:
ـ هذا صحيح للأسف لذلك على العرب ليس فقط لأن يتخوفوا، ولكن عليهم أن يعلنوا النفير العام، فهناك خطر يأتي عبر الخطر المجوسي الإيراني، فهناك قاعدة عسكرية إيرانية في إيران تستعد للانقضاض على العرب كلهم، هناك نفوذ قوي وأكاد أجزم أن السفير الإيراني في دمشق هو المستشار السياسي الأول لـ"بشار الأسد"، وهو الذي يقرر كل القضايا والأمور المهمة له وهو يحارب الشعب السوري بوقوفه إلى جانب نظام "الأسد" حتى إن خامنئي قال صراحة: إنه على استعداد لإرسال مليون شخص للوقوف إلى جانب النظام السوري، فنحن أمام معركة معلنة من عدونا، في حين أن الأطراف العربية أضعف ما أن تقول هذا، بل هناك من يتملق إيران ويتودد إليها وهذا معيب جدا، فهناك خطر داهم إذا ما استطاع القضاء على الثورة فعلى الأمة العربية السلام، فسيصل المجوس إلى نهاية الخليج العربي ويسيطرون على الخليج العربي كله ويجب أن يعلموا أن الثوار السوريين يدافعون عن السنة العرب.
رابعًا ـ انشقاق الجيش السوري وانضمامه للمعارضين:
ـ من انشق عن الجيش هم من الطائفة السنية فقط، وكانوا مهمشين داخل الجيش السوري، ولم يستطيعوا أن يمارسوا عمليات القتل ضد أبناء الشعب، فانشق من هو شاذ عن الطبيعي من بقي في جيش النظام، وهذا يجعلنا نتفهم طبيعة قوة الجيش.
خامسًاـ تأثير تشكيل المجلس الوطني على المعارضة:
ـ المجلس الوطني للأسف كان له دور في أنه قصم ظهر المعارضة السورية وخلق نوعًا من الانفصام في عرى المعارضة السورية الذي لم يكن في الأساس موحدًا، ولكن زاد في تعميق الشرخ، فأنت تريد أن تجمع العلماني والليبرالي والمستقل في إطار جسم سياسي على أن يكون الحاضن له "الإخوان المسلمين"، وهذا قمة في التناقض، ثم جاء تشكيل هذا المجلس بطريقة غير ديمقراطية وبطريقة انتقائية وتم تعيين أفراده بنفس الطريقة، مما أثار السياسيين السوريين والمعارضة السورية لأن أحدًا منهم لم يمثل الثورة السورية بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
سادسًاـ الثورة السورية.. إلى أين؟:
ـ الثورات ليس لها ساعة بيولوجية واحدة بل تقررها حالة من الكبت تقررها لحظة ما ليس لها علاقة بالظروف السياسية، ولكنها تنتظر شرارة للانفجار والثورة السورية جاءت بدفع من الربيع العربي، وما حدث في تونس، ولكنها كانت تعتمد على ما يحدث في مصر باعتبارها تمثل مع سوريا جناح الطائر للأمة العربية وعندما حدث ما حدث في مصر، وأن سقوط النظام في مصر ليس بالصعوبة التي نسمع عنها قررنا الخروج خاصة أنني شاركت في ثورة مصر في أيامها الأولى، ووجدت أنها بالشكل السلمي حققت مطالبها في 18 يومًا وسقط النظام حتى تلتها أحداث مؤسفة، ولكنها ستظل علامة فخر للشارع المصري والعربي أنها جعلت العالم يقف 18 يومًا على قدم وساق لمعرفة مصير الأمة والعالم كله، وعندما جاءت حادثة الأطفال في درعا اندلعت الثورة ولم تتلق أي إشارة من الخارج كما يقول البعض من السذج، فأنا لا أعتقد أنني سيتم دفعي لتقديم ابني ليستشهد من أجل الأمريكان أو من أجل ترسيخ الفوضى الخلاقة.
(*) الدستور المصرية، 7/4/2012.