عقيدة المسلم (14) - بعض أنواع العبادة .
بعض أنواع العبادة (*)
العبادة أنواعها كثيرة، فكل عمل صالح يحبه الله ويرضاه قولي أو فعلـي ظاهر أو باطن فهو نوع من أنواعها وفرد من أفرادها، وفيما يلي ذكر بعـض الأمثلة على ذلك:
1 - فمن أنواع العبادة: الدعاء، بنوعيه دعاء المسألة، ودعاء العبادة.
قـال الله تعـالى: {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر: 14]، وقال تعالى: { وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللهِ أَحَداً} [الجن: 18]، وقال تعـالى: { وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ (5) وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [الأحقاف: 5- 6].
فمن دعا غير الله عز وجل بشيء لا يقدر عليه إلا الله فهو مشرك كـافر سـواء كان المدعو حيا أو ميتا، ومن دعا حيا. بما يقدر عليه مثل أن يقـول: يا فلان أطعمني، أو يا فلان اسقني، ونحو ذلك فلا شيء عليه، ومن دعا ميتا أو غائبا. بمثل هذا فإنه مشرك؛ لأن الميت والغائب لا يمكن أن يقوم. بمثل هذا.
والدعاء نوعان: دعاء المسألة ودعاء العبادة.
فدعاء المسألة هو: سؤال الله من خيري الدنيا والآخرة، ودعاء العبـادة يدخل فيه كل القربات الظاهرة والباطنة؛ لأن المتعبد لله طالب بلسان مقالـه ولسان حاله من ربه قبول تلك العبادة والإثابة عليها.
وكل ما ورد في القرآن من الأمر بالدعاء والنهي عن دعـاء غـير الله والثناء على الداعين يتناول دعاء المسألة ودعاء العبادة.
2، 3، 4 - ومن أنواع العبادة: المحبة والخوف والرجاء، وقد تقـدم الكلام عليها وبيان أنها أركان للعبادة.
5 - ومن أنواعها: التوكل، وهو الاعتماد على الشيء.
والتوكل على الله: هو صدق تفويض الأمر إلى الله تعالى اعتمادا عليـه وثقة به مع مباشرة ما شرع وأباح من الأسباب لتحصيـل المنـافع ودفـع المضار، قال الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 23]، وقال تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق: 3].
6، 7، 8- ومن أنواع العبادة: الرغبة والرهبة والخشوع.
فأما الرغبة: فمحبة الوصول إلى الشيء المحبوب، والرهبة: الخوف المثمـر للهرب من المخوف، والخشوع: الذل والخضوع لعظمة الله بحيث يستسـلم لقضائه الكوني والشرعي، قال الله تعالى في ذكر هذه الأنواع الثلاثة مـن العبادة: {إِنَّهُمْ كانُوا يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ} [الأنبياء: 90].
9 - ومن أنواعها: الخشية، وهي الخوف المبني على العلم بعظمة مـن يخشاه وكمال سـلطانه، قـال الله تعـالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي} [المائدة: 3].
10- ومنها الإنابة ، وهي الرجوع إلى الله تعـالى بالقيـام بطاعتـه واجتناب معصيته، قال الله تعالى: {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ} [الزمـر: 54].
11 - ومنها: الاستعانة ، وهي طلب العون من الله في تحقيـق أمـور الدين والدنيا، قال الله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وقـال صلى الله عليه وسلم في وصيته لابن عباس: (إذا استعنت فاستعن بالله) رواه الترمذي.
12 - ومنها: الاستعاذة ، وهي طلب الإعاذة والحماية من المكـروه، قال الله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ} [الفلق: 1]، وقال تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ} [الناس: 1-4].
13 - ومنها الاستغاثة ، وهو طلب الغوث، وهو الإنقاذ من الشـدة والهلاك، قال الله تعالى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ} [الأنفال: 9].
14 - ومنها الذبح ، وهو إزهاق الروح بإراقـة الـدم علـى وجـه الخصوص تقربا إلى الله، قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} [الأنعام: 162]، وقال تعـالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2].
15 - ومنها النذر ، وهو إلزام المرء نفسه بشيء ما، أو طاعة لله غـير واجبة، قال الله تعالى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً} [الإنسان: 7].
فهذه بعض الأمثلة على أنواع العبادة، وجميع ذلك حق لله وحـده لا يجوز صرف شيء منه لغير الله.
والعبادة بحسب ما تقوم به من الأعضاء على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: عبادات القلب، كالمحبـة والخوف والرجـاء والإنابـة والخشية والرهبة والتوكل ونحو ذلك.
القسم الثاني: عبادات اللسان، كالحمد والتهليل والتسبيح والاسـتغفار وتلاوة القرآن والدعاء ونحو ذلك.
القسم الثالث: عبادات الجوارح، كالصلاة والصيام والزكاة والحـج والصدقة والجهاد، ونحو ذلك.
----------------
(*) مختصر من كتاب (أصول الإيمان) طباعة مجمع المصحف بالمدينة المنورة
https://islamicsham.org