رحلة قلم أحمر
تنكَّب قلم أحمر محبرته, وانطلق في رحلة يجوب خلالها صفحات نقشت بحروف اللغة العربية.
حط رحاله في أول صفحة صادفته, كانت رسالة موجهة من طالبة لمعلمتها.
فغر فاه دهشة وهو يرى الياء تلتصق بآخر بعض الكلمات ظلمًا وعدوانًا, قالت : (أنتي يا معلمتي رمز العطاء, أحبكي من كل قلبي)! أشهر القلم ريشته بعد أن تزود بالحبر الأحمر اليانع, ووضع خطًا أحمر قانيًا تحت تلك الياء الدخيلة في كلمتي (أنتِ وأحبكِ) ليعيد لهما رونقهما وبهاءهما, وبعد أن تأمل باقي الرسالة واطمأن على صحة الكلمات فيها, غادرها متوجها إلى صفحة أخرى أعمت بصره فيها كلمات دخيلة...
كانت تصدر ضوءًا مزعجًا وكأنها تنذر بالخطر, كانت رسالة قصيرة في هاتف شاب أرسلها له صديق للتو, عجت هذه الرسالة بمفردات استفزت صديقنا الأحمر, قال فيها: (سأضع موبايلي على السايلنت فلا تعطني مس كول بل أرسل لي مسج)!! صعد الدم إلى رأس صديقنا, وتساءل: أين أنا ؟ ثم أزال الاعوجاج من الرسالة, وقرأ سعيدًا: (سأضع محمولي على الصامت فلا تعطني اتصالا بل أرسل لي رسالة).
أغلق الهاتف وانطلق يعدو, فقد شعر بفداحة المصاب, سمع صفحات تستغيث, فانطلق ملبيًا النداء, شاهد مجلة فنية - كما قرأ من عنوانها– على رف إحدى المكتبات, قلب صفحاتها فأرهقت بصره صور مقززة تملأ صفحات المجلة, وبدا صوت الاستغاثة أقرب لسمعه, كانت صفحات المجلة كلها تستغيث, وعندما أطلق بصره بين كلماتها, صعق لهول ما رأى!!
كلمات عامية مبتذلة صفت بجانب بعضها البعض, لتكون - كما قيل– مقالاً عن الفنانة الشهيرة,
ينقل أخبارها بالتفصيل, من أكل وشرب وأناقة وسياحة وفن!!
أُسقط في يد صاحبنا, ودارت ريشته تتلوى من الألم, وصار الحبر يغلي في محبرته, يتهيأ للانقضاض على تلك الكلمات فيمحوها من الوجود, أدار قلمنا بصره على رفوف المكتبة فرأها تعج بالغث والسمين, من الكتب، والمجلات، والقصص، والروايات.
والغالبية على شاكلة تلك المجلة, إلا ما رحم ربي...
هز صديقنا رأسه متألمًا.. وقرر أن يجمع جميع الأقلام الحمراء, ليشكل منها جيشًا يعيد للعربية رونقها وبهاءها الذي فقدته عبر السنين، وبأيدي أبنائها للأسف, فهل سيتمكن من ذلك؟؟
https://islamicsham.org