الكاتب : د. عماد الدين خيتي
صلاة المسلم (2)
الصلاة
تعريفها:
التَّعَبُّد لله _تعالى_ بأقوالٍ وأفعالٍ مخصوصة, تُفتَتَحْ بالتَّكبير وتُخْتَتَم بالتسليم.
حكمها، ومنـزلتها في الدين:
للصلاة مكانة عظيمة في الإسلام، فهي عمود الدين، والركن الثاني من أركان الإسلام، قال صلى الله عليه وسلم: (بُنِي الإِسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَإِقَامِ الصَّلاَةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ الْبَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ) رواه البخاري، ومسلم.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من أعماله يوم القيامة بعد التوحيد.
شروط الصلاة:
تنقسم شروط الصلاة إلى قسمين:
القسم الأول: شروط وجوب الصلاة:
تجب الصلاة على المسلم إذا كان مُكلَّفًا، أي: بالغًا عاقلاً.
فأمَّا الصغيرُ والمجنونُ فلا تجبُ عليهما الصلاة.
ولكنَّ الصغير إذا بلغَ سِنَّ التَّمييزِ فإنَّه يُؤمر بالصلاة ليعتاد عليها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (مُرُوا أَوْلَادَكُمْ بِالصَّلَاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ) رواه أبو داود، وأحمد.
المقصود بالضرب: ضرب تأديب، لا يترك أثرًا، ولا يجرح لحمًا، ولا يكسر عظمًا.
القسم الثاني: شروط يجب توافرها قبل البدء في الصلاة، وهي شروط صحة الصلاة:
1- الإسلام: فلا تصحُّ الصلاة من الكافر.
2- طهارة الثوب والبدن والمكان من النجاسة كالبول وغيره.
إذا صلى المسلم ثم وجد في جسمه أو ملابسه آثارًا للنجاسة:
أ- إذا عَلِمَ بهذه النجاسة أثناء الصلاة فيكفيه أن يخلع الجزء الذي عليه نجاسة إن استطاع، وإلا فعليه أن يقطع الصلاة، ويزيل النجاسة، ثم يعيد صلاته.
ب- إن لم يعلم بالنجاسة إلا بعد الانتهاء من الصلاة فليس عليه إعادتها.
3- الطهارةُ من الحدثين الأكبر بالغُسل أو التيمم, والأصغر بالوضوء أو التيمم.
4- سترُ العورة ولو في الخلوة فلا يجوز أن يصلي المسلم عرياناً أو وهو منكشف بعض العورة.
وعورة الرجل: ما بين السرة إلى الركبة، ويُستحب له أن يستر أعلى جسمه لحديث: (لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقِهِ مِنْهُ شَيءٌ) رواه النسائي، وأحمد.
والعاتِق هو: الكتف.
عورة المرأة: يجب عليها ستر جميع جسمها إلا وجهها وكفيها إذا لم تكن بحضرة رجال أجانب.
الحكم لو انكشفت العورة:
كشفُ العورة عمدًا في الصلاة يبطلها.
وإن كان عن غير عمد:
أ- إذا كان الانكشافُ لجزء قليل من العورة، أو لمدةٍ قليلة: فلا يبطل الصلاة.
ب- وإن انكشف جزء كبير من العورة، أو لوقتٍ طويل: فهذا يُبطل الصلاة.
5- النية: وهي عزم القلب على فعل العبادة تقرباً إلى الله –تعالى- لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ) رواه البخاري، ومسلم, والنية محلها القلب.
6- دخول الوقت: فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
وأوقات الصلات تُعرف بحركة الشمس:
أ- الفجر: من طلوع الفجر الصادق، إلى شروق الشمس.
والفجر الصادق: خيطٌ من النور دقيقٌ جدًا يظهر في الأفق، وبعدها يبدأ النور بالانتشار.
ب- الظهر: من زوالِ الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله.
وزوال الشمس: تحركها من وسط السماء وميلها ناحية الغرب قليلاً.
ج- العصر: منذ أن يصير ظل كل شيء مثله، إلى: يصير ظل كل شيء مِثليه، ويمتد إلى وقت الغروب في حال الضرورة.
ظل كل شيء مثله: أي ظل كل شيء بمقدار طول الشيء نفسه، وظل كل شيء مثليه: أي ظل كل شيء بمقدار طول الشيء نفسه مرتين.
د- المغرب: من غروب الشمس، إلى مغيب الشفق الأحمر.
الشَّفق الأحمر: الحُمرة التي تكون في السماء بعد غروب الشمس.
هـ- العشاء: من مغيب الشفق الأحمر، إلى منتصف الليل، ويمتد إلى الفجر في حال الضرورة.
ومنتصف الليل: منتصفُ الوقت ما بين غروب الشمس وطلوع الفجر، وهذا الوقت يختلف من بلدٍ لآخر، ومن فصلٍ لآخر في السنة.
وفي الوقت الحاضر تُحدِّدُ التقاويم المختلفة من إلكترونية أو ورقية أوقات الصلاة بِدِقَّة، فَيُعتَمَدُ عليها في تحديد دخول الوقت، ويكونُ إعلانُ دخولُ الوقتِ برفع الأذان.
ما تُدرك به الصلاة:
الراجح أنها تدرك بإدراك ركعة قبل خروج الوقت، فمن صلّى ركعةً في الوقت ثمّ خرج الوقت فإنَّه يكون مدركًا للصلاة في وقتها؛ لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عنهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (مَنْ أَدْرَكَ مِنْ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنْ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ) رواه البخاري، ومسلم.
7- استقبال القبلة: وهي الكعبة المشرفة.
فمن كان داخل المسجد الحرام ويرى الكعبة: فيجب عليه أن يتَّجه لها مباشرةً.
ومن كان بعيدًا عنها:
_ من هو خارج المسجد الحرام: فيتَّحرَّى الاتجاه للكعبة من خارج المسجد.
_ من كان خارج مكة: فيتَّجه ناحيتها، فإن كانت في جهة الشرق اتجه للغرب، وهكذا.
ويجوز للمسافر في البحر أو البرِّ أو الجو أن يصلي النافلة وهو راكبٌ دون أن يتوجَّه للقبلة.
إن لم يستطع الشخص معرفة القبلة لسببٍ ما:
يجتهدُ قدرَ المستطاع، ثم يصلي إلى الاتجاه الذي يطمئن إليه قلبه.
وإن اجتهدَ في معرفةِ الاتجاه الصحيح، ثم تبيَّن له أنَّ صلَّى للاتجاه الخطأ: فلا يُعيد الصلاة.
وكذلك لو اكتشف خطأه أثناء الصلاة، فإنه يستدير للاتجاه الصحيح، ولا يلزمه قطع الصلاة وإعادتها.
ومن عَجِزَ عن استقبالِ القبلة كمن كان على سرير المرض، أو في طائرة، أو مكبَّلاً في سجن: فيجتهدُ في استقبالها قَدرَ المستطاع، فإن لم يستطع صلى كيف استطاع، ولا يعيد.
https://islamicsham.org