التقرير الإعلامي السادس والستون 19 آذار/مارس 2012
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
الاثنين 19 مارس 2012 م
عدد الزيارات : 3540

سلسلة انفجارات تدخل البلاد في دوامة حرب أهلية.. الدلائل والتقييمات

* أصبحت الإنفجارات التي تشهدها المدن السورية مقرونة بالزيارات والمبادرات العربية والدولية لحل الأزمة التي دخلت شهرها الثاني عشر منذ أيام قليلة على نحو قد يدخل البلاد في دوامة حرب أهلية، فعشية توجه البعثة الأممية المفوضة من المبعوث العربي ـ الأممي "كوفي عنان" لإجراء مباحثات مع القيادة السورية حول وقف إراقة الدماء بوقف إطلاق النار، هز انفجار سيارة ملغومة منطقة سكنية في مدينة حلب، بعد يوم واحد من تفجيرين أسفرا عن سقوط 27 قتيلاً في دمشق، ألقت الصحف السورية الرسمية بالمسؤولية عنها على السعودية وقطر، كما شهدت عدة مدن سورية عمليات عسكرية واشتباكات مع منشقين، هذا فيما تتوالى تداعيات الأزمة بالتزامن مع أنباء عربية ودولية كشفت عن تدخل دول الخليج بتسليح المعارضة.

أولاًـ استباق وفد "عنان" بسلسلة تفجيرات ومجازر وتصعيد للعنف

1ـ التفجيرات تسبق الوفد الأممي كما الوفد العربي سابقًا:
أـ  ملابسات التفجيرات في دمشق وحلب والصاخور ومناطق أخرى:

* بداية، انطلق مسلسل التفجيرات في دمشق وحلب في 23 ديسمبر الماضي بتفجير سيارتين مفخختين استهدفتا مبنى إدارة أمن الدولة وأحد الأفرع الأمنية وأديا إلى مقتل 44 وإصابة 166 آخرين، وفي 6 يناير الماضي أدى تفجير في منطقة مكتظة بالسكان والمارة قرب مدرسة حسن الحكيم للتعليم الأساسي في حي الميدان بدمشق إلى مقتل 26 وجرح 63 من المدنيين وقوات الأمن، كما استُهدفت حلب في 10 فبراير الفائت بتفجيرين طالا فرع الأمن العسكري بمنطقة المحلق الغربي ومقر كتيبة قوات الأمن بمنطقة العرقوب، مما أدى إلى مقتل 28 وإصابة 235 آخرين(1).
وفي ثاني هجوم من نوعه خلال اليومين الماضيين في حلب هز انفجار ثان جديد المدينة بسيارة مفخخة، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة 25 آخرين على الأقل، ووقع انفجاران آخران بمنطقتي الصاخور وبستان الباشا، أوقعا قتيلين، على الأقل، وعشرات الجرحى جراء تضرر الأبنية السكنية المجاورة للانفجارين، كما سمع دوي انفجار قوي استهدف فرع الأمن الجنائي في حي الأشرفية أعقبته اشتباكات بين قوات الجيش النظامي ومنشقين.
ولم يتم توجيه الاتهام إلى أحد بالوقوف وراء التفجيرات، لكن الحكومة والنشطاء تبادلوا الاتهامات في تلك التفجيرات؛ حيث نفت مصادر قيادية في الجيش السوري الحر أي علاقة له بالتفجيرات متهمة مجموعات من الشبيحة تابعة للنظام يتم تشكيلها على أساس طائفي بالقيام بهذه التفجيرات التي تخالف القيم الأخلاقية والإنسانية كلها، وأضافت:
ـ "هذه التفجيرات منظمة من حيث المكان والتوقيت، كما من حيث قوة التفجير والمواد المستخدمة.. وذلك كله يؤكد أن من يقف وراءها دولة تمتلك الإمكانات والآليات، وبالتالي لا شك أن النظام السوري هو من يحرك مجموعاته للقيام بأعمال مماثلة".
ـ "لقد حذرنا، مرارًا وتكرارًا، منذ اندلاع الثورة، من أن الأعمال الوحشية التي تقترفها قوات الأسد تزرع الغضب والنقمة في نفوس السوريين. نحن، كجيش حر، حاولنا أن ندافع عن المدنيين الآمنين، لكن ضمن إمكاناتنا المحدودة، وبالتالي نشطت مجموعات ناقمة كما مجموعات أخرى تابعة للنظام تقوم بأعمال لا أخلاقية لتشوش على الرأي العام العالمي، وتقول له إن قوى المعارضة السورية والجيش السوري الحر يقوم بأعمال إرهابية".
ـ "المجموعات الناقمة ضمن العائلات لا تملك أي إمكانات للقيام بتفجيرات مماثلة، وبالتالي مجموعات "الأسد" هي من تقف وراء ما حصل في اليومين الماضيين في دمشق وحلب".
ب ـ تحميل دمشق السعودية وقطر مسؤولية الانفجارات:
* شنت الصحف السورية الرسمية هجومًا حادًا على المملكة العربية السعودية وقطر وحملتهما مسؤولية انفجارات دمشق وحلب اللذين أسفرا عن عشرات القتلى والجرحى، يعكس ذلك(2):
ـ ما اعتبرته صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم أن تفجيري دمشق اللذين نفذهما إرهابيون بتشجيع من القوى الخارجية التي تدعمهم بالمال والسلاح جاء لمعاقبة الشعب السوري على موقفه الوطني الصامد ومحاولة إعادة خلط الأوراق للتشويش على مهمة المبعوث الدولي "كوفي عنان" وإفشال التوجه الدولي نحو الحل السياسي للأزمة.
ـ ما كتبته صحيفة الوطن المقربة من السلطات في صفحتها الأولى بأن السوريين اكتشفوا سبب إغلاق سفارات دول مجلس التعاون الخليجي في دمشق، وذلك في إشارة ربما لمرحلة جديدة كانت تحضر لسوريا وهي مرحلة التفجيرات والإرهاب المرسل من مشايخ الخليج الذين سبق أن هددوا في السابق فنفذوا بالأمس كل ذلك بعد أن فشلت مخططاتهم لإسقاط سوريا.
2ـ التفجيرات.. الخط الناظم بين زيارة وفدي "الدابي" و"عنان":
ـ كانت بداية التفجيرات مع تصاعد أعمال العنف في سوريا أثناء وجود بعثة المراقبين العرب التي أرسلتها الجامعة العربية لحل الأزمة بسوريا برئاسة الفريق "مصطفى الدابي" في الفترة من 26 ديسمبر إلى 28 يناير الماضي، والتي أنهت أعمالها في سوريا احتجاجًا على تواصل العنف(3).
ـ استبق النظام السوري وصول البعثة إلى دمشق بارتكاب مجزرة بإدلب في 19 ديسمبر الماضي، بعد أن شن حملة عسكرية أسفرت عن مقتل 200 شخص، وهو ما تلاه وقوع انفجارين بدمشق استهدفا مقر إدارة الأمن وسط العاصمة السورية في 23 ديسمبر، قبل ثلاثة أيام من وصول بعثة المراقبين العرب إلى دمشق سقط خلالها 40 قتيلاً وأصيب 100 آخرون. وهو ما اعتبرته المعارضة السورية رسالة تحذير للمراقبين العرب بعدم الاقتراب من المقرات الأمنية، وأخرى للعالم بأن النظام يواجه خطرًا خارجيًا، وليس ثورة شعبية تطالب بالحرية والكرامة. وفي 6 يناير قتل 26 شخصًا بحي الميدان بدمشق إثر انفجار انتحاري، مما دفع رئيس بعثة المراقبين العرب "محمد الدابي" إلى إعلانه إنهاء أعمال البعثة في سوريا، محتجًا على القمع الذي تصاعد أثناء وجود البعثة، وتقول الإحصاءات المبنية على أرقام القتلى الواردة عبر الناشطين السوريين أن نحو 300 شخص قتلوا أثناء وجود البعثة.
ـ بعد أيام من إعلان الأمم المتحدة تعيين "عنان" مبعوثًا للأمم المتحدة والجامعة العربية لسوريا في 23 فبراير الماضي للتوسط لإنهاء كل أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان وتعزيز جهود إيجاد حل سلمي للأزمة السورية، تزايد القصف العسكري على مدن حمص وإدلب وريف دمشق، حيث قتل 144 شخصًا في حمص، والتي يقول نشطاء سوريون إنها شهدت أبشع المذابح في الأيام الأخيرة من فبراير. وتجدد تزامن الانفجارات مع الزيارات الرسمية للعاصمة السورية دمشق؛ حيث حدث انفجاران استهدفا فرع الأمن العسكري ومقر كتيبة قوات حفظ النظام بحلب في 10 مارس الجاري، بعد أيام قليلة من زيارة "لي هوا شين"، السفير الصيني السابق في دمشق ومبعوث بكين لسوريا في 6 مارس.
ـ وقبيل زيارة وفد "عنان" بيومين هز انفجاران دمشق، وهو ما تبعه في اليوم الثاني سقوط عدد من القتلى والجرحى في انفجار سيارة مفخخة بحي سكني في مدينة حلب، وذلك في استباق معتاد لزيارة وفد أعضاء الفريق الفني الذي شكله "عنان"، ويضم أعضاء من المنظمات الدولية، والذي يبدأ زيارة عدة مدن سورية بدءًا من اليوم 19/3/2012.
3ـ توالي ارتكاب المجازر بحق الأطفال والنساء (4):
* ارتكب النظام منذ بداية الثورة مجازر مروعة، فاقت ببشاعتها ما أقدمت عليه جميع جيوش الغزاة عبر التاريخ، ولعل أشدها فظاعة تلك التي ارتكبت بحق الأطفال في: درعا وحمص وإدلب، واليوم 19/3/2012، في حماة واللاذقية وبانياس ومدن ريف دمشق وحلب، حيث قامت عناصر قوات الأسد وشبيحته بذبح عشرات الأطفال بدم بارد.
ـ يقف كل من: الطفل الشهيد حمزة الخطيب (13 عامًا) في مقدمة هؤلاء الأطفال الشهداء الذين قضوا نحبهم تحت التعذيب بطريقة مروعة ومفزعة على أيدي السلطات الأمنية السورية، كذلك الطفل تامر الشرعي (15 عامًا) الذي تسلمه أهله جثة مشوهة غارقة بالدماء، وعليها آثار التعذيب، و"عفاف سراقبي" الطفلة الرضيعة ذات الأربعة أشهر التي عذبت حتى الموت وسلمت إلى عمها، بالإضافة إلى عشرات الأطفال أبرزهم: هاجر الخطيب وعلا الجبلاوي وإبراهيم الشيباني.
ـ أحدثت المشاهد الفظيعة لجثث الأطفال المقطعة الأوصال الذين ذبحوا في أحياء بابا عمرو وكرم الزيتون وعشيرة في حمص، والتي تناقلتها مواقع الناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي وانتشرت في مختلف وسائل الإعلام العربية والعالمية، صدمة لدى السوريين، هزت الضمير العالمي ودفعته إلى الاستنكار والتنديد.
4ـ اقتحام وقصف المدن بالقذائف والصواريخ(5):
ـ قصف مدينتي الأتارب وأعزاز:شنت قوات النظام سلسلة عمليات في أنحاء البلاد، حيث قصفت الدبابات والمدفعية مدينتي الأتارب وأعزاز، وأوضح المتحدث باسم اتحاد تنسيقيات حلب "محمد الحلبي":

ـ اقتحام قرية مرعيان:في محافظة أدلب (شمال غرب) اقتحمت قوات عسكرية قرية مرعيان في جبل الزاوية وشنت حملة مداهمات بحثًا عن مطلوبين، بحسب ما أعلن ناشطون في المحافظة.

ثانيًاـ توالي واستمرار تداعيات الأزمة

1ـ تحويل الشعب السوري من حاضن للاجئين إلى شعب يعاني التشرد(6):
* عبر زهاء 200 سوري الحدود التركية، هربًا من أعمال العنف في بلادهم، ما رفع عدد اللاجئين السوريين في تركيا إلى 15900، واجتاز اللاجئون وبينهم نساء وأطفال، الحدود في محافظة هاتاي (جنوب) المجاورة لمحافظة إدلب السورية (شمال غرب)، التي تشهد عملية للجيش السوري، وأوضحت تقارير إعلامية:
ـ مع تزايد وتيرة العنف الذي تقدم عليه السلطات الأمنية السورية لمواجهة الانتفاضة الشعبية، وفرار آلاف اللاجئين السوريين إلى تركيا ولبنان والأردن، تحولت سوريا من بلد حاضن للاجئين إلى بلد طارد للنازحين من أبناء شعبه؛ إذ أضحت آلاف الأسر السورية من أهالي محافظات درعا وريف دمشق وإدلب وحمص وحماة واللاذقية وريف حلب ودير الزور، أسرًا لاجئة، بعد عبورها الحدود السورية مع تركيا شمالاً والأردن جنوبًا ولبنان غربًا، هربًا من أعمال القمع التي تمارسها قوات الأمن السورية المدعومة بعناصر "الشبيحة"، حيث يقدر عددهم حاليًا أكثر من 100 ألف لاجئ.
ـ يرفض غالبية اللاجئين السوريين الذين يعانون من أوضاع إنسانية متردية ومزرية من العودة إلى ديارهم إلا بعد سقوط النظام السوري وزوال حكم الرئيس بشار الأسد، حيث يعرب هؤلاء عن خشيتهم من انتقام السلطات السورية بعد عودتهم لمدنهم وقراهم، مستشهدين بقتل المخابرات السورية للعديد من الأسر العائدة.
2ـ تحويل المدن السورية إلى "مدن أشباح" (7):
* تحولت أحياء مثل بابا عمرو وعشيرة وكرم الزيتون في حمص وبلدات مثل جسر الشغور في إدلب والزبداني في ريف دمشق وتلكلخ والقصير في مدينة حمص إلى مدن أشباح عندما هجرها عشرات الآلاف من سكانها في اتجاه الحدود اللبنانية والتركية ليستقروا لدى أقارب لهم في منطقتي عكار ووادي خالد هربًا من عمليات نفذتها عناصر من رجال الجيش والأمن والشبيحة لاقتحام منازل وأعمال اعتقال والقمع، بالإضافة إلى الإقامة في مخيمات إيواء للاجئين السوريين التي أقامتها السلطات التركية في مدينة يايلداغي.
3ـ توالى انشقاقات العسكريين باتجاه الجيش الحر (8):
* أدى اعتماد القيادة السياسية للحل الأمني والعسكري للقضاء على حركة التظاهرات السلمية المناهضة للنظام، عبر الزج بقوات الأمن وعناصر المخابرات و"الشبيحة"، والجيش النظامي الذي كان ينظر إليه من قبل السوريين بأنه حامي الحدود والمدافع عن الوطن وحماية أبنائه، وإدخالها إلى كافة المدن السورية الثائرة بعتادها ودباباتها وأسلحتها الثقيلة التي دفع ثمنها الشعب السوري من عرقه وقوته لقتل المتظاهرين السوريين، إلى ظهور حركة انشقاقات واسعة في صفوف الجيش السوري ما لبثت أن انضوت تحت لواء تشكيل أطلق عليه بـ"لواء الضباط الأحرار" بقيادة المقدم "حسين هرموش" في يونيو الماضي قبل أن يتحد مع الجيش الحر بقيادة العقيد "رياض الأسعد" في منتصف يوليو الماضي، واليوم 19/3/2012، انشق ضابط كبير (لم يعلن اسمه) في ضربه جديدة للنظام الرسمي.
ـ قام الجيش الحر الذي أبى الانصياع إلى قرارات النظام السوري بقتل المتظاهرين السلميين وارتكاب المجازر الدموية بحق المواطنين والسكان العزل، وحافظ على اليمين التي أقسمها للحفاظ على وطنه وأبنائه، وعلى تحرير الجولان المحتل وليس حمص أو درعا وإدلب " بتكثيف هجماته على أهداف موالية للنظام في جنوب سوريا وشرقها وشمالها وشرقها لتخفيف الضغط عن المدن المحاصرة مثل حمص وإدلب، كما اقتصرت مهمته في المدن الثائرة على توفير الحماية للمتظاهرين السلميين ووقف المجازر التي ترتكبها قوات الأسد ضدهم، وتشير مصادر عسكرية إلى أن تعداد الجيش الحر وصل إلى 60 ألف منشق، وأن أكثر من 90% من عناصره هم على الأراضي السورية، وتسيطر على نحو 60% من هذه الأراضي، لاسيَّما في حمص ودرعا وريف دمشق وإدلب وريف حلب ودير الزور.
4ـ تخصيص "الإغاثة الإسلامية" 10 ملايين ريال كمساعدات للاجئين في لبنان(9):
* أعدت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية التابعة لرابطة العالم الإسلامي، برنامجًا خصص لتقديم المساعدة لـ3500 أسرة سورية لجأت إلى لبنان، رصدت له عشرة ملايين ريال، وأوضح الدكتور "عدنان بن خليل باشا" الأمين العام للهيئة:
ـ قررت الهيئة إرسال معونة عاجلة لـ17 ألفًا وخمسمائة شخص لجئوا إلى الأراضي اللبنانية منذ اندلاع الثورة في مارس من العام الماضي.
ـ هذا المبلغ خصص للمساعدة لمدة شهر كامل قابل للزيادة طبقًا لاحتياجات العمل الميداني، لا سيما أن الهيئة، من خلال مكتبها في العاصمة اللبنانية بيروت، تجري مسوحات ميدانية مستمرة للتعرف على أعداد اللاجئين وحجم احتياجاتهم، وبالتالي توفير كل أنواع المساعدات الممكنة، وذلك عبر الآليات والكوادر الإغاثية التي تملكها.
ـ تلك المساعدات تتمثل في تقديم كميات من المؤن الغذائية والكساء، بالإضافة إلى الأدوية والخدمات العلاجية، بالتنسيق مع بعض المستشفيات والمستوصفات في مناطق جبل لبنان وبيروت وسهل البقاع الغربي والجنوب ومنطقة عرسال وبعلبك.
ـ الهيئة تقدم مساعدات مماثلة من خلال مكتبها في العاصمة الأردنية عمان للاجئين هناك، وكانت هيئة الإغاثة الإسلامية العالمية قد قدمت في منطقة واد حال (شمال لبنان) ومناطق البقاع والمناطق الحدودية بين سوريا ولبنان، مساعدات استفادت منها نحو 1700 أسرة، وهي سلال غذائية تزن الواحدة منها 30 كيلوجرامًا من المواد الغذائية المختلفة والصحية، تكفي لاحتياجات الأسرة مدة شهر كامل.
5ـ انتشار عدوى الاحتجاجات والاضطرابات في كافة المدن السورية(10):
* رغم أن التظاهرات اقتصرت في البداية على المطالبة بإطلاق الحريات مثل وضع قانون للإعلام وآخر للأحزاب، ورفع حالة الطوارئ المفروضة منذ خمسة عقود، بالإضافة إلى إيجاد دستور جديد يلغي أحادية قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع، وتطبيق نظام ديمقراطي يحارب الفساد ويوفر العدالة الاجتماعية والحياة الحرة الكريمة للمواطن السوري، فإن:
ـ إطلاق قوات الأمن السورية النار على المحتجين السلميين ومحاولات النظام احتواء هذه الاحتجاجات المعارضة والمطالب الشعبية المحقة بالإعلان وعلى دفعات عن مجموعة من إصلاحات شكلية لم تخرج من دائرة الوعود، دون تنفيذ حقيقي أو تطبيق جاد لأي منها.
ـ لجوء القيادة السورية إلى إخماد فتيل الثورة عبر انتهاجها للحل الأمني والعسكري، واستخدامها المفرط للقوة بكل ما تملكه من ترسانة الرعب والتنكيل والتعذيب، بأسلوب دموي ووحشي، منظم وممنهج.
كل ذلك أدى إلى اتساع نطاق التظاهرات السلمية وتأجيج نار الثورة السورية لتشمل جميع المدن والبلدات والقرى في مختلف المحافظات السورية مثل حمص واللاذقية وحماة وإدلب ودير الزور وريف دمشق وحلب وريفها والرقة والحسكة، ودفع بالبلاد إلى مزيد من التصعيد والعنف، ما أدى إلى سقوط أكثر من عشرة آلاف شهيد من المدنيين والعسكريين، بينهم 520 امرأة و676 طفلاً.
6ـ موجة التظاهرات في أسبانيا وتركيا لدعم "الثورة(11):
ـ في أسبانيا: تجمع حوالي 500 شخص في ساحة "بويرتا ديل سول" في وسط العاصمة الأسبانية مدريد ووراء يافطة كتب عليها "ذكرى الثورة السورية" احتجاجًا على المجازر التي يرتكبها "الأسد" يوميًا.
ـ في تركيا: تظاهر ألف شخص تجمعوا ـ أمام مسجد بايازيت وسط أكبر المدن التركية ورفعوا يافطات كتب عليها "أوقفوا المجازر في سوريا" و"حرروا سوريا أنقدوا حمص"، وذلك بدعوة من منظمات إسلامية، في اسطنبول للتنديد بـ"مجازر" القوات السورية ضد المتظاهرين المناهضين للحكومة.
7ـ الكشف عن استيراد سوريا 6 أضعاف مشترياتها من الأسلحة مؤخرًا:
* أفاد تقرير صادر عن معهد للأبحاث الإستراتيجية في العاصمة السويدية ستوكهولم، أن سوريا استوردت بين عامي 2007 و2011 ستة أضعاف كمية الأسلحة التي استوردتها في السنوات الأربع التي سبقتها، مضيفًا(12):
ـ روسيا كانت المورد لـ72% للأسلحة التي اشتراها النظام السوري، وما زالت تورد الأسلحة لسوريا، رغم فرض الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حظرًا على توريد الأسلحة للنظام السوري.
ـ تضمنت الأسلحة التي اشترتها سوريا من روسيا أنظمة دفاع جوى وصواريخ مضادة للسفن، وهي أسلحة لا تستخدم في العمليات العسكرية الحالية، لكنها تعزز القوة الفاعلة للنظام في وجه أي تدخل خارجي محتمل، كما اشترت سوريا 25 طائرة مقاتلة من طراز ميج 29 من روسيا ووقعت اتفاقية بقيمة 550 مليون دولار لتوريد 36 مقاتلة من طراز "ياك-130".
ـ استيراد الأسلحة التقليدية ارتفع بنسبة 24% بين عام 2007 و2011، حيث كانت الولايات المتحدة المورد الأول تليها روسيا فألمانيا ثم رومانيا.

ثالثًاـ الدور الخليجي في الأزمة وتداعياته

1ـ إجراء محادثات تركية ـ خليجية بشأن "المنطقة الآمنة" داخل سوريا:
* تجري الحكومة التركية منذ مطلع الشهر الجاري تقريبًا اتصالات مع عدد من الدول الأوروبية والخليجية، لمعرفة مواقف هذه الدول من القرار الذي يبدو أن أنقرة اتخذته بالفعل أخيرًا لإنشاء منطقة آمنة داخل الحدود السورية"، بهدف حماية المدنيين الفارين من بطش قوات نظام "الأسد"، وقالت أوساط دبلوماسية إماراتية(13):
ـ مبعوثين أتراك بينهم مسؤولون أمنيون وعسكريون يتقاطرون منذ نحو أسبوعين على دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديدًا على الرياض والدوحة وأبوظبي، للبحث في الاقتراحات السعودية والقطرية الأخيرة، بشأن إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا لحماية ممرات آمنة للسكان المدنيين والتي رفضها نظام "الأسد"، مع إدخال تعديلات طفيفة على هذه الاقتراحات بحيث تتحول إلى إنشاء "منطقة آمنة" تركية داخل الحدود السورية بعمق ما بين 5 و8 كيلومترات وامتداد ما بين 10 و15 كيلومترًا على الحدود من البحر باتجاه الشرق، يمكن لقوات خليجية من "درع الجزيرة"، المشاركة في حمايتها إلى جانب قوات تركية مؤلفة من حوالي 350 دبابة و100 بطارية مدفعية وعشرات القواعد الصاروخية.
ـ كل ذلك يتم تحت مظلة جوية تركية لمنع السوريين من الاعتداء على هذه "المنطقة الآمنة" التي قد تؤوي خلال الأشهر الثلاثة المقبلة نصف مليون لاجئ سوري، إذا لم يحسم المجتمع الدولي موضوع وقف القتال في سوريا وسحب قوات النظام إلى ثكناتها وإدخال المعونات الإنسانية إلى أكثر من أربعة ملايين سوري مدني تضرروا من الهجمات الوحشية الحكومية على مدنهم وقراهم ومنازلهم خلال الاثني عشر شهرا الفائتة.
ـ تركيا عرضت على الدول الخليجية مشاركتها سلاح الجو التركي المرابط في المطارات التركية لمراقبة "الحزام الأمني" في الجهة السورية المقابلة من الحدود، كما اقترحت عليها إرسال أعداد محدودة من القوات البرية تشارك القوات التركية التمركز في نقاط استراتيجية داخل ذلك الحزام، للتصدي لأي اعتداء سوري على النازحين السوريين الذين بلغ عددهم حتى الآن داخل الحدود التركية حوالي 16 ألفًا، وهو في تزايد مستمر.
ـ قد توافق السعودية وقطر من دون تردد طويل على إرسال قوات تابعة "لدرع الجزيرة"، فيما قد توسط تركيا الولايات المتحدة ودول حلف شمال الأطلسي لدى الكويت والإمارات وسلطنة عمان للالتحاق بهذه القوات العربية- الإقليمية لإنشاء المنطقة الآمنة للمدنيين السوريين داخل بلدهم، والتي تمهد- ربما فيما بعد- إلى مشاركة الحلف الأطلسي في هذه المهمة من دون الحاجة إلى قرار من مجلس الأمن".
2ـ تأكيد برلماني كويتي بدعم دول خليجية الشعب السوري بالسلاح مستقبلاً (14):
* أكد النائب في مجلس الأمة الكويتي الدكتور "وليد الطبطبائي" أن دولاً خليجية ستدعم الشعب السوري بالسلاح لمواجهة جيش "بشار الأسد" الذي يبطش بالمواطنين العزل.

رابعًاـ مطالبة "لافروف" سوريا بالتجاوب مع مقترحات "عنان" (15)

* طالب "سيرجي لافروف" وزير خارجية روسيا، سوريا بدعم جهود "كوفي عنان" لإحلال السلام "دون تأخير"، مستخدمًا نبرة حازمة على نحو غير مألوف مع حكومة الرئيس "الأسد"، مضيفًا:
ـ "نعتقد أن الحكومة السورية يجب أن تؤيد مقترحات "عنان" بسرعة ودونما تأخير، ونتوقع الأمر نفسه من المعارضة المسلحة والسياسية.. لا يمكن لعملية الهدنة أن تبدأ إلا بالحصول على موافقة من حيث المبدأ على ما يروج له "عنان" خلال اتصالاته مع السوريين والبدء بعد ذلك في حوار سوري.
ـ "موسكو تريد من العالم أن يعرف أن الدافع وراء هذا الموقف المعارض للتدخل الخارجي هو الحاجة الملحة لإنهاء العنف في سوريا لا الرغبة في دعم حليف لها منذ زمن بعيد".
ـ "أكرر نحن لا ندعم الحكومة السورية. نحن ندعم الحاجة لبدء عملية سياسية. ولعمل ذلك من الضروري أولاً وقف إطلاق النار".
ـ "الجانب الروسي سيبذل كل ما يمكن بذله من أجل ذلك بغض النظر عن القرارات التي تتخذها الحكومة السورية. والتي بالمناسبة لا نوافق على كثير منها".
• يشار أن روسيا والصين استخدمتا حق النقض (الفيتو) في الرابع من فبراير الماضي لإحباط مشروع قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة أعدته دول غربية وعربية ويدين الحكومة السورية على أعمال العنف التي تقول الأمم المتحدة إنها أسفرت عن مقتل ما يزيد على ثمانية آلاف مدني ويؤيد دعوة تطالب الأسد بالتنحي. وموسكو التي تواجه انتقادات من الغرب ودول عربية لعرقلتها تحركًا في مجلس الأمن ولاستمرارها في بيع أسلحة لسوريا تحاول جاهدة أن توضح أنها تستخدم حق النقض لحماية دولة ذات سيادة من التدخل الخارجي، ويوفر "الأسد" لموسكو أقوى موطئ قدم في الشرق الأوسط بشرائه أسلحة روسية تقدر بمليارات الدولارات واستضافته منشأة للصيانة والإمداد مطلة على البحر المتوسط التي تعد القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا خارج دول الاتحاد السوفيتي سابقًا.

خامسًاـ رؤى الكتاب والمفكرين

1ـ  لماذا لم تتدخل تركيا في سوريا حتى الآن؟ (16) :
* إن التدخل العسكري التركي في سوريا، حتى إذا نجح في إسقاط "الأسد"، سيحولها الى دولة محتلة في نظر الشعب السوري، وهو المأزق الذي عانته الولايات المتحدة في العراق، ما يجعل أنقرة تبدي حذرًا شديدًا حيال التدخل العسكري المباشر، وفيما يلي العديد من الملاحظات حول هذا الأمر:
ـ أصبحت تركيا في الآونة الأخيرة هي الدولة الأكثر تفضيلاً في الشرق الأوسط، ويرجع صعود شعبية أنقرة إلى استعراض تركيا لنفوذها في الشرق الأوسط بنجاح على مدى العقد الماضي. فقد جعلت أهم أولوياتها هو الحفاظ على نفوذها وشعبيتها في منطقة الشرق الأوسط، وهذه الشعبية تعد أهم أصول سياستها الخارجية، فهي المفتاح لاستعادة مكانة تركيا كقوة إقليمية.
ـ تخشى أنقرة من فقدان هذه الشعبية ومن العواقب الناتجة من تدخلها عسكريًا في سوريا، حيث:

ـ تمكنت أنقرة من تجنب هذه المشكلة في ليبيا عن طريق تقديم دعم سياسي قوي للتغيير مع القيام بدور عسكري محدود، الأمر الذي ساعد على تعزيز شعبيتها، ولكن من غير المرجح أن يثمر التدخل العسكري في سوريا عن نتائج مماثلة، في ظل:

ـ إن الإستراتيجية المثالية بالنسبة إلى تركيا تجاه سوريا هي تكرار سياساتها في ليبيا من خلال، إدانة "الأسد" بشكل معلن وحشد التأييد الدولي للتحرك السياسي ضده مع محاولة البقاء في خلفية الأحداث عندما يأتي الأمر إلى مرحلة التدخل العسكري.
2ـ مؤشرات على التغير في الموقف الروسي تجاه الأزمة(17) :
* بدأت روسيا تتخذ موقفًا أكثر مرونة من ذي قبل، وخير دليل على ذلك التصريحات الأخيرة التي تعد مؤشرًا واضحًا يؤكد أن موسكو باتت في مرحلة تموضع لإعادة موقفها تجاه الأزمة السورية، ويمكن توضيحها كالآتي:
ـ تصريحات الرئيس "بوتين"، التي أوضح فيها أن موقف بلاده من سوريا ليس دعما للأسد، وأن مصالح بلاده مع الغرب، وبالطبع العرب، أهم وأكبر من مصالحها مع "الأسد".
ـ الاتفاق الروسي ـ العربي في القاهرة على النقاط الخمس الداعمة لمهمة المبعوث الأممي "كوفي عنان"، وفق القرارات العربية، التي تقتضي الانتقال السلمي للسلطة في سوريا على غرار اليمن.
ـ تصريحات "لافروف" التي طالب فيها الحكومة السورية بتأييد مقترحات "عنان" لدعم بدء عملية سياسية قائمة على الحوار والديمقراطية في سوريا، كما أكد على أن موسكو ستبذل كافة الجهود الممكنة لحل الأزمة السورية لأنها غير مستعدة لأن تبدو وكأنها حامية قاتل.
3ـ زخم التحركات الدبلوماسية العربية وتصاعد العنف داخل سوريا(18) :
* تسابق الجهود الدبلوماسية التي تقودها الدوحة بمشاركة عربية فاعلة، آلة القتل التي يحرق بها النظام السوري أجساد الأشقاء السوريين، فقد استقبلت الدوحة عددًا من المسؤولين من الدول العربية والأجنبية لإضفاء الحيوية في الجهود الدبلوماسية العربية والدولية، والعمل على أكثر من محور لضمان حد أدنى من التنسيق العربي الدولي لحل الأزمة السورية، وفي هذا الإطار يمكن الإشارة إلى الآتي:
ـ أن ترشيد جهود المعارضة السورية وترتيب صفوفها وتوحيد كلمتها ونبذ خلافاتها، يشكل أولوية في التحركات العربية والدولية لإنصاف الشعب السوري من نظام يجثم على شعب عربي شقيق ظل عقودًا يتاجر بشعارات تكشف زيفها.
ـ أن اقتراب الجولة الثانية من مؤتمر "أصدقاء الشعب السوري" الذي ستستضيفه مدينة "اسطنبول" التركية، يحتم توحيد المعارضة السورية، كخطوة هامة من شأنها أن تدحض الادعاءات الروسية والصينية بعدم وجود بديل للنظام وأن رحيله يعني الفوضى.
ـ أن اقتراب انعقاد القمة العربية في بغداد يضيف إلى زخم التحركات الدبلوماسية العربية، خاصة مع تأكيد بغداد التزامها باحترام خيارات الشعب السوري ورفضها المضي قدمًا في الانخراط في سياسات تتعارض مع تطلعات الشعب السوري، وتأكيدها رفض مرور أسلحة عبر العراق إلى نظام "البعث"، فضلاً على تعهدها بعدم دعوة غير العرب إلى قمة العرب.
ـ أن ما تقوده الدوحة من جهود عربية صادقة ينبع من حرص عربي منذ بداية الأزمة على أن يأتي الحل للمأساة الإنسانية التي يعانيها الشعب السوري الشقيق من داخل الجامعة العربية.
4ـ رؤية تقييمية لدور المعارضة بعد عام على الثورة السورية (19) :
* بعد عام من انطلاق الثورة السورية وضعت المعارضة السورية أمام امتحان حقيقي لدورها وقدرتها في قيادة حراك شعبي واسع يطالب بالتغيير الجذري، وفي يلي رؤية تقويمية لهذا الدور على نحو قد يدفع القوى المعارضة الجادة والصادقة إلى الأمام ويحفزها على رص صفوفها وتطوير دورها وفاعليتها، كالآتي:
أ ـ الإخفاقات:
* بعد عام على الثورة، نجد أن المعارضة السورية:
ـ لم ترق إلى مستوى التحديات والمسؤوليات الملقاة على عاتقها. ولم تنجح في مواكبة الحراك الشعبي وكسب ثقتهم، فضلاً على أنها لم تستطع أن تبدع أشكالاً وطرائق للتواصل والتفاعل معهم، وهي ثغرة كبيرة في ثورة كالثورة السورية، لم يخطط لها مسبقًا، ونهضت بمعزل عن البرامج الحزبية، ومن دون قوى سياسية عريقة تقودها، أو شخصيات تاريخية أو كاريزمية تتصدر صفوفها.
ـ تبدو كأنها رد فعل أو صدى لصوت الشارع، فلا تزال مقصرة في تقديم رؤية متكاملة لمسار الصراع والخطط الكفيلة بتبديل المشهد والتوازنات القائمة بأقل تكلفة، أي أنها مقصرة في تقديم إجابات وافية حول سياق عملية التغيير وشروطها وما يكتنفها من منزلقات ضمن خصوصية المجتمع السوري بتعدديته وحساسية ارتباطاته الإقليمية والعالمية، وخاصة إدراك حدود الرهان على التدخل الخارجي الداعم، المشروط بالأمن الإسرائيلي وبمصالح إيران وروسيا وبتخوف من حدوث هزة في الاستقرار السياسي في المنطقة، بما يعني أن تضع في الحسبان خيار تمكين الحراك الثوري وتعزيزه على أنه قد يواجه مصيره وحيدًا وأن قدره أن يصنع مستقبله بسواعد أبنائه.
ـ لا تزال تتعثر في توحيد صفوفها، أو على الأقل في ضبط إيقاع خطابها السياسي، وهو ما بدا فعلياً عبر المشهد المزدحم بالعديد من التكتلات السياسية والمبادرات، وبروز أسباب عميقة وبنيوية لتشتتها أهمها التنافس القوي بين أهم أطرافها والاختلاف في نظرتهم لحلول الأزمة السورية، الأمر الذي جعل المعارضة السورية تبدو وكأنها تدور حول نفسها في حلقة مفرغة.
ب ـ النجاحات:
* برغم الانتقادات السابقة الموجهة للمعارضة السورية، إلا أنه يمكن القول إن العمل المعارض:
ـ نجح في إحراز تقدم ملموس على صعيد إثارة قضايا الثورة السورية ومعاناتها في المحافل العربية والدولية، والتنديد بجرائم "الأسد" في المحافل الدولية.
ـ بذل جهدًا سياسيًا وإعلاميًا مساندا للحراك الشعبي، خاصة احتلال بعض المعارضين حيزًا من المشهد الإعلامي لمساندة مطالب الناس وحقهم في التظاهر والاحتجاج وتفنيد أكاذيب الإعلام الرسمي وادعاءاته عن مؤامرة خارجية وعصابات مسلحة وغيرها.
ج ـ التوصيات:
ـ تقع على المعارضة السياسية مسؤولية كبيرة في طمأنة الرأي العام وقطاعاته المترددة، وخاصة الأقليات الخائفة على مصيرها ومستقبلها، وإقناعها بالعلاقات الصحية المفترض صياغتها بين مكونات المجتمع الواحد.
ـ يجب أن تثبت للجميع أنها برغم اختلاف فئاتها ومذاهبها وطوائفها وقومياتها ومشاربها الأيديولوجية، إلا أنها قادرة على التوافق وعلى احترام تنوعها والاحتكام لقواعد العملية الديمقراطية السلمية، وأنه يمكن الوثوق بها لتجنيب البلاد احتمالات الفوضى والصراع الأهلي والتفكك.
ـ لابد أن توسع دائرة انتشارها على نحو يسهم في زيادة نسبة المشاركين فيها ويمكنها من كسب فئات المجتمع السلبية والصامتة إلى صفوفها. مما قد يساعدها في ذرع الثقة بالتغيير داخل الشعب السوري وتحقيق أهدافها.
ـ يتوجب عليها أن تحرص، بمختلف فصائلها، على ممارسة سلوك ينسجم مع شعارات الحرية والتعددية التي ترفعها، عبر مراقبة حازمة لأفعالها، وإبداء أعلى درجات الاستعداد للتسامح والتعاون والتكافل.
5ـ  دلائل الحرب غير الأخلاقية في سوريا(20) :
* تعد الحرب في سوريا حربًا غير أخلاقية، حيث:
ـ ما تشهده سوريا هو صراع بين طرف قوي يمثله النظام، وآخر ضعيف يمثله الشعب، أي هناك عدم توازن أو تكافؤ للطرفين على نحو مخالف لمفهوم الحرب الأخلاقية، التي يتساوى بمقتضاها الخصمان في القوة.
ـ النظام السوري يشن حربًا للدفاع عن مصالح شخصية، وهي حرب لا أخلاقية،  لكنها ليست أقل أخلاقية مما يقوم به العالم ضد هذا النظام. لا سيما  الدول الغربية وموقفها القائم أيضًا على المصلحة السياسية، بل والفردية، متجاهلة أرواح الأبرياء. وهو ما أثبتته تجربة الدول الغربية في العراق وأفغانستان. فقد تم قتل نصف سكان العراق، تحت شعار الحرية الزائف، من أجل انتقام شخصي، وقتل نصف أفغانستان من أجل مجرد اعتقاد.
6ـ متطلبات لحل الأزمة السورية(21):
*  لقد مر عام كامل على محنة الشعب السوري وهو يواجه أبشع أشكال التنكيل والإجرام من قبل النظام السوري المغتصب للسلطة. فالأزمة السورية قد طالت على نحو لم يحدث مع نظيراتها في الشعوب الأخرى، حتى أوشكت الثورة السورية أن تسجل اسمها كثورة فريدة تجدر دراستها كظاهرة تاريخية، وفي هذا الإطار فهناك متطلبات لحل الأزمة السورية، تكمن في:
ـ لا بد من تغيير الخطاب الذي يتوجه به العالم إلى نظام "الأسد"، فما يحدث في الواقع السوري لا يتناسب أبداً مع هذه اللغة  التي ينتهجها العالم. فهناك طرف يتعامل مع شعبه بوحشية لا حد لها وقوة مفرطة، وطرف آخر يستخدم أسلوب المفاوضات، فيبعث المندوب تلو المندوب لدمشق من أجل الخروج بحل مرضٍ للطرف الأول أولاً ومن ثم الطرف الثاني.
ـ لا بد من العزوف عن الحلول الدبلوماسية التي لا تتناسب مع الجرائم التي يشنها ضد الشعب السوري . فلا حل للقضية يمكن أن يمر عبر نظام "بشار" فلماذا الإصرار على إدخاله في لعبة المفاوضات الطويلة التي تعتمد على طرق الوقت وسحبه.
ـ لابد من مراجعة هذه المسألة من جديد. والبحث  عن أطراف أخرى يجري معها المفاوضات، كروسيا مثلاً، أو الصين، أو حتى إيران. ومن ثم يتوجب علي العالم التوجه مباشرة إلى المعارضة السورية ولجان تنسيق الثوار والعمل معها على إسقاط النظام من الداخل.
7ـ  مستقبل الأزمة والأدوار المحتملة في سوريا(22):
* تتغير الخطط بشأن الكيفية التي يتم بها إبدال نظام "الأسد" في سوريا يوماً تلو الآخر، في ظل ما يفرضه الواقع السوري من تحديات أمام صمود الشعب تجاه جرائم الإبادة التي يرتكبها النظام تجاهه، والانشقاقات المتزايدة داخل النظام وداخل المعارضة نفسها. فضلاً على فشل الجهود الدبلوماسية من قبل الجامعة العربية وفشل مهمة "عنان" والصراع المستمر بين أعضاء مجلس الأمن وفقا لحسابات كل دولة في  المنطقة بأكملها. هذا الوضع يشير للعديد من السيناريوهات المحتملة لسقوط نظام" الأسد" واستبداله بنظام آخر، كالأتي:
ـ قيام انقلاب من داخل النظام في ظل تزايد الانشقاقات عن القوات الجيش النظامي.
ـ عمل حصار ومناطق آمنة تهيئ للمعارضة أن تؤدي دور الضاغط لإسقاط النظام.
ـ التدخل العسكري، برغم رفض بعض الدول الكبرى لهذا الخيار لأسباب تقترن بمخاطر مثل هذه المجازفة ومعارضة الصين وروسيا.
ـ إضعاف إيران وهي الداعم الأكبر لنظام "الأسد" اقتصادياً، مما يعني إضعاف النظام السوري. 
ـ قيام إسرائيل بتوظيف القدرة الأوروبية والأمريكية بالاتفاق على إدارة الصراع بالدول المجاورة، أي حلول ستكون إسرائيل ضالعة بها.
(1) الشرق القطرية، العربية نت، الحياة، القدس العربي، 19/3/2012.
(2) اليوم السابع، 19/3/2012.
(3) الشرق القطرية، 19/3/2012.
(4) رويترز، 18/3/2012.
(5) وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق الأوسط، القدس العربي، الحياة، 19/3/2012.
(6) الخليج الإماراتية، وكالة أنباء الأناضول،19/3/2012.
(7) الشرق القطرية، 19/3/2012.
(8) الحياة، الخليج الإماراتية، 19/3/2012.
(9) الشرق الأوسط، 19/3/2012.
(10) وكالة الأنباء الفرنسية، هيئة الإذاعة البريطانية، العربية نت، 19/3/2012.
(11) وكالة أنباء الشرق الأوسط،
(12) السياسة الكويتية، 19/3/2012.
(13) الرأي الكويتية، 19/3/2012.
(14) الشرق الأوسط، 19/3/2012.
(15) رويترز، الحياة، 19/3/2012.
(16) نشرة أخبار الساعة،4804، 19/3/2012.
(17) طارق الحميد، الشرق الأوسط،19/3/2012.
(18) رأي الشرق،19/3/2012.
(19) أكرم البني، الشرق الأوسط،19/3/2012.
(20) هاني نقشبندي، إيلاف، 18/3/2012.
(21) أحمد أبورتيمة، إيلاف، 19/3/2012 ـ عبدالله ناصر العتيبي، الحياة ، 19/3/2012.
(22) يوسف الكويليت ،الرياض السعودية،19/3/2012. 


https://islamicsham.org