اجتماع القاهرة: تراجع موسكو عن مواقفها تجاه سوريا.. النتائج والتقييمات
عقدت اللجنة الوزارية العربية برئاسة قطر ـ وبعضوية مصر والسودان وسلطنة عمان والجزائر، والأمين العام للجامعة العربية "نبيل العربي" ـ المعنية بالوضع في سوريا اجتماعًا لها بمقر الأمانة العامة للجامعة يوم 10/3/2012، تلا ذلك اجتماع الدورة الـ 137 لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري، في نفس اليوم 10/3، برئاسة كويتية خلفًا للرئاسة القطرية للدورة الـ136، وشهد هذا الاجتماع تلاسنًا وسجالاً روسيًا ـ خليجيًا عاصفًا بسبب مواقف موسكو من الثورة السورية، انتهي بتراجع روسيا لصالح الخطة العربية والذهاب لمجلس الأمن، وتأكيد قرارات الجامعة التي تدعو "الأسد" لترك السلطة، هذا فيما انعقد اجتماع مواز بين الموفد الدولي لسوريا "كوفي أنان" والرئيس السوري، انتهى برفض الأخير مقترح "أنان" الحوار مع المعارضة معتبرًا ـ كسابقيه من الرؤساء العرب المخلوعين أمثال "القذافي وصالح" ـ أن هناك مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد.
انتهى الاجتماع العاصف في المجلس الوزاري العربي باستضافة "لافروف"، والذي شهد سجالاً علنيًا بينه وبين وزيرا خارجية قطر والسعودية، إلى إعلان الجانبين الروسي والعربي الاتفاق على 5 أسس لحل الأزمة، فيما خرج مجلس الجامعة في بيان في ختام اجتماعه، بالدعوة إلى قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف فوري للعنف، واعتبر ما حدث في حي بابا عمرو في حمص بأنه يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية، وأعلن "لافروف" والشيخ "حمد" أن روسيا والجامعة اتفقتا على خمسة أسس لتسوية الأزمة السورية، وفيما يلي مضمون البيان الختامي: (2)
ـ أسس حل الأزمة الـ 5:
ـ القرار يطالب الحكومة السورية بالوقف الفوري للعنف والقتل، وضمان حرية التظاهرات وإطلاق سراح الموقوفين في الأحداث، وسحب القوات المسلحة في المدن، وإدانة الانتهاكات.
ـ المجلس الوزاري قرر اعتبار مجزرة بابا عمرو جريمة ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية، وتتطلب مساءلة المسئولين عنها، والتحذير من تكرارها.
ـ على الحكومة السورية السماح بالدخول الفوري لمنظمات الإغاثة العربية والدولية لتمكينها من إدخال المواد الغذائية والدواء والمستلزمات الطبية لإسعاف المواطنين المتضررين وتسهيل وصول هذه المواد إلى مستحقيها في أمان ودون أي عوائق ونقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات وذلك تحت إشراف الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة.
ـ رحب الوزاري العربي بمهمة المبعوث المشترك للأمم المتحدة وجامعة الدول العربية إلى سوريا "كوفي أنان" الأمين العام السابق للأمم المتحدة ونائبه "د. ناصر" القدوة لقيادة العملية السياسية نحو إيجاد حل للازمة السورية والانتقال السلمي إلى حياة ديمقراطية في سوريا، وذلك وفقًا للتفويض الممنوح للمبعوث المشترك بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في 24 فبراير 2012، وقرارات جامعة الدول العربية بتاريخ 2 نوفمبر 2011 و22 يناير 2012 و12 فبراير 2012 ودعوة الحكومة السورية وكافة أطياف المعارضة إلى تعامل الإيجابي مع المبعوث المشترك ببدء حوار وطني جاد يقوم على خطة الحل التي طرحتها الجامعة وقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المذكور آنفًا.
ـ التأكيد على الالتزام بالتنفيذ الكامل لكافة قرارات مجلس الجامعة خاصة قراريه بتاريخ 22 يناير2012 وبتاريخ 12 فبراير2012 بشأن مطالبة الحكومة السورية الوفاء باستحقاقاتها وفقًا للخطة العربية والتجاوب الجدي مع الجهود العربية لإيجاد مخرج سلمي للأزمة في سوريا.
ـ يطالب مجلس الجامعة المعارضة السورية بكافة أطيافها إلى توحيد صفوفها وإعداد مرئياتها من أجل الدخول في حوار جدي يقود إلى تحقيق الحياة الديمقراطية التي يطالب بها الشعب السوري، مرحبًا بنتائج المؤتمر الدولي لأصدقاء الشعب السوري الذي عقد في تونس في 24 فبراير 2012، والتطلع إلى المؤتمر الثاني في تركيا لمواصلة دعم المجموعة الدولية للجهود العربية لإيجاد حل للأزمة السورية.
ـ طالب الوزاري العربي مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته في حفظ السلم والأمن الدوليين والتحرك لاستصدار قرار يستند إلى المبادرة العربية وقرارات الجامعة ويقضي بالوقف السريع والشامل لكافة أعمال العنف في سوريا، وحث جميع أعضاء مجلس الأمن على التعاون البناء في هذا الشأن، وقرر المجلس الإبقاء في حالة انعقاد دائم لمتابعة تطورات الوضع في سوريا.
2ـ قراءة في النتائج وكلمات المشاركين(3):
ـ الاجتماع شهد تغيرًا ذا مغزى في موقف روسيا التي كانت حتى الآن السند الرئيسي للنظام السوري على الساحة الدولية، واستخدمت حق النقض مرتين خلال الشهور الأخيرة لمنع مجلس الأمن من إدانته، حيث طالب المجلس الوزاري للجامعة العربية دعا في 22 يناير الماضي الرئيس السوري بشار الأسد إلى ترك السلطة بشكل ضمني، إذ طالبه بـ"تفويض صلاحياته كاملة إلى نائبه للتعاون مع حكومة وحدة وطنية تشكل بناء على حوار بين الحكومة والمعارضة" ولكن موسكو عادة ما ترفض.
ـ يتوقع أن يفتح الموقف الروسي المعدل الباب للاتفاق على قرار بشأن سوريا في مجلس الأمن الدولي، حيث كانت روسيا قد خفضت تمثيلها الدبلوماسي في قطر قبل عدة أيام بعد أن كانت طلبت من الدوحة الاعتذار عما وصفته بسوء معاملة السلطات القطرية للسفير الروسي لدى قطر خلال وجوده بمطار الدوحة.
ـ يبدو أن النظام السوري صد كل التحركات العربية والدولية ضده، وقلب الطاولة على خصومه خلال ثلاثة أشهر، إلى أن تراجعت مطالب الأطراف المختلفة وتقزمت إلى مجرد وساطة مصالحة، على أمل أن يقبلها الرئيس "بشار الأسد". لقد نجح في تقسيم المواقف الدولية، عبر نفس السيناريو الذي مارسه عقب اغتياله "رفيق الحريري"، رئيس وزراء لبنان الراحل في عام 2005. كما نجح في النفخ في مخاوف الدول الأجنبية، بما فيها أشد الدول خصومة له مثل أوروبا والولايات المتحدة، محذرًا بأنهم إن أسقطوه فسيخلفه "أيمن الظواهري"، وسيفتحون الطريق للجماعات المتطرفة لحكم بلد متعدد الطوائف.
ـ أمس، كانت الهزيمة علنية، فقد أصيبت الجهود العربية بنكسة واضحة بدليل أن دولاً صريحة في مساندتها الشعب السوري رضخت لدعوة الحل التصالحي، فرئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية السعودي صقرا المواجهة الدبلوماسية ضد دمشق، قبلا بقرار إحالة حل الجامعة العربية إلى مجلس الأمن، رغم الثقوب التي وضعتها الجامعة العربية لإنقاذ النظام، مثل التفاوض لتحقيق المصالحة! طبعًا سيستدل البعض بلغة البيان العربي التي جرمت ما حدث في حي بابا عمرو في مدينة حمص على أيدي أجهزة الأمن السورية واعتبرتها جرائم حرب، لكن هذا يبقى بيانًا أخلاقيًا.
ـ إذا كان عرش "الأسد" يهتز تحته قبل ستة أشهر، وكان المجتمع الدولي مستعدًا لصياغة قرار تدخل، ونهاية النظام، فإنه اليوم في وضع أقوى على الساحتين العربية والدولية.
ـ على أية حال، هذه جولة من جولات، ولا أدري كيف سيستطيع الأسد النجاة من مستنقع الدم الذي أغرق فيه البلاد. وانتصاره الدبلوماسي في الساحة الدولية لا يعكس حقيقة هزائمه في الساحة الداخلية.. كل ما فعله زاد الكراهية لنظامه لدى الشعب السوري، خاصة أنه في الوقت الذي شن حملته الخارجية دبلوماسيًا، وحملته العسكرية داخليًا، لم يقدم طرحًا إصلاحيًا يمكن أن يستميل به السوريين. كل ما فعله أن فرض على الجيش حرب مدن لم تعرف مثلها أي دولة في المنطقة، بمثل هذا الكم من النار ولفترة طويلة. والآن، ينقل مئات من دباباته، وأسلحته الثقيلة، وآلافًا من جنوده، إلى إدلب، المحافظة المحاذية للواء الإسكندرون وتركيا، بعد أن دمر حمص وعاث في ريف دمشق ولا يزال يقاتل في درعا. إنما، حمص لا تزال رافضة، وحي بابا عمرو بأطلاله شاهد على الجريمة التاريخية.
1ـ اقتراح "أنان" الحوار بين "الأسد" والمعارضة:
* بالتزامن مع الاجتماع العربي، وبحضور وزير الخارجية والمغتربين "وليد المعلم" والمستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة "بثينة شعبان"، وغياب نائبه "فاروق الشرع"، التقى الموفد الدولي لسوريا "كوفي أنان" الرئيس السوري "بشار الأسد"، موضحًا:
ـ رؤيتي الأولية إزاء الوضع في سوريا، الالتزام بالعمل بشكل عادل وحيادي ومستقل، وأرفض التدخل الخارجي في الشؤون السورية وإيمانه بالحل السلمي.
ـ "آمل من العمل مع الحكومة السورية لإطلاق حوار دبلوماسي مع المعارضة في إطار عملية سياسية تعيد الاستقرار لسورية وتحقق طموحات الشعب السوري".
2ـ رفض "الأسد" الحوار مع المعارضة:
* أعرب الرئيس "الأسد" عن استعداده لإنجاح أي جهود صادقة لإيجاد حل لما تشهده سوريا، مؤكدًا أن أي حوار سياسي أو عملية سياسية لا يمكن أن تنجح طالما تتواجد "مجموعات إرهابية" مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد، مضيفًا:
ـ النجاح في أي جهود يتطلب أولاً دراسة ما يحدث على الأرض عوضًا عن الاعتماد على الفضاء الافتراضي الذي تروج له بعض الدول الإقليمية والدولية لتشويه الوقائع وإعطاء صورة مغايرة تمامًا لما تمر به سوريا.
ـ أي حوار سياسي أو عملية سياسية، لا يمكن أن تنجح طالما تتواجد مجموعات إرهابية مسلحة تعمل على إشاعة الفوضى وزعزعة استقرار البلاد من خلال استهداف المواطنين من مدنيين وعسكريين وتخريب الممتلكات الخاصة والعامة.
1ـ انشقاق عميد بالجيش حمل "الأسد" مسؤولية القتل والإرهاب:
* حمل عميد منشق، وصل تركيا ضمن مجموعة من الضباط المنشقين ليعلن انضمامه للجيش الحر، الرئيس السوري مسؤولية كل ما تقوم به وحدات الجيش من قتل وإرهاب، وقال العميد، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه وأن يستعمل اسم "محمد محمود" كاسم مستعار:
ـ بدأت فكرة انشقاقي منذ الأشهر الأولى للانتفاضة، وكان الرد القاسي من النظام على الشعب، وآلمني أن الشعب كان ينظر لنا بأمل حتى إنهم خرجوا في جمعة سموها (جمعة حماة الديار)، لكن الجيش خذلهم وأصبح يقتل، وبعدها بدأت تظهر الأغاني مثل (خاين خاين الجيش السوري خاين) كانت تؤثر فينا كثيرًا لدرجة البكاء، وكل هذا خلق لدينا حالة نفسية سيئة، حتى إني في بداية الأحداث ذهبت لبابا عمرو للتسوق لكني لاحظت استهجانًا كبيرًا لي، فأقسمت ألا ألبس اللباس العسكري بعد ذلك اليوم خارج الثكنة أبدًا.
وتمت عملية الهروب بمساعدة صديق لي أتى معي، فكان هناك هامش لإجازات الضباط الإداريين، فطلبنا إجازة ثلاثة أيام وكنا متفقين، وانطلقنا نحو تركيا.
2ـ تواصل عمليات القتل وإرهاب وترويع المواطنين(6):
* سقطت قذائف الدبابات وقذائف المورتر على أحياء معارضة في مدينة حمص المضطربة بوسط سوريا مما أسفر عن مقتل 17 شخصًا، وتحدث النشطاء عن مقتل 24 شخصًا آخرين في محافظة إدلب الشمالية، كما تحدثوا عن مزيد من القتلى في مناطق أخرى في البلاد.
3ـ تعرض إدلب لأعنف قصف من اندلاع الأزمة تمهيدًا لاقتحامها(7):
* أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مدينة ادلب، في شمال غربي سورية، تتعرض لقصف هو الأعنف منذ تشديد الحصار على المدينة قبل أيام، وأعلن مقتل 16 جنديًا منشقًا في مكمن لقوات النظام السوري في جسر الشغور، فضلاً عن مقتل أربعة جنود من القوات النظامية وأسر خمسة في عملية لعناصر منشقين في المحافظة.
1ـ تدويل مناقشة الملف السوري غدًا في مجلس الأمن:
* يعود الموضوع السوري إلى مجلس الأمن للمرة الثالثة غدًا، بعد أن كانت روسيا والصين استعملتا "الفيتو" مرتين تأييدًا لنظام الرئيس "الأسد"، ولا تبدو واشنطن متفائلة بنتائجه أو بإمكانية تحقيق تقدم في هذا الشأن، وأوضحت "فيكتوريا نولاند" المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية:
ـ المشاورات التي شملت الدول الخمس الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن والعضو المغربي، وهو العضو العربي الوحيد في المجلس، لم تسفر عن نص متفق عليه، وبصراحة، نحن لا نريد الإفراط في التفاؤل بأنه سيتم التوصل إلى نص متفق عليه في المستقبل.
ـ قادة في الجامعة العربية قالوا علنًا إنهم قلقون جدا بشأن المواقف الروسية والصينية، وإنهم بدئوا يتحدثون عن آثار أوسع نطاقًا على علاقاتهم مع روسيا، وعلاقاتهم مع الصين.
ـ بالنسبة لهؤلاء القادة العرب، هذه هي منطقتهم، إنهم يريدون رؤية تقدم، وإنهم يريدون رؤية حل سلمي، وإنهم يريدون تحركًا من جانب مجلس الأمن.
2ـ عرض الصين مليوني دولار مساعدة إنسانية لسوريا(9):
* أعلنت وسائل الإعلام الرسمية الصينية أن الصين عرضت تقديم مليوني دولار كمساعدة إنسانية لسوريا عقب إعلان مسؤولة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة "فاليري أموس" عن اتفاق مع النظام السوري على "مهمة تقييم إنساني أولي" في مناطق النزاع في سوريا، وأوضح المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "كين غانغ":
ـ المساعدة الإنسانية ترمي إلى تحسين الظروف الإنسانية في بعض المناطق في سوريا ودعم عمل الأمم المتحدة. ولا يسمح لأي وكالة إغاثة إنسانية أمريكية بالعمل في سوريا وسط ندرة في المعلومات المتوافرة حيال حاجات المدنيين.
ـ سوريا توافق على مبدأ إرسال مساعدات إنسانية إلى المناطق المتضررة جراء المواجهات التي أسفرت عن سقوط 8500 قتيل منذ اندلاع الاحتجاجات قبل عام بحسب منظمات حقوقية.
واجهت روسيا والصين انتقادات بسبب استخدامهما حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي ضد مشروع قرار يدين القمع الذي يمارسه النظام السوري ضد الاحتجاجات الشعبية. إلا أنهما بذلتا جهودًا من أجل إيجاد حل سياسي سلمي للنزاع.
3ـ الكشف عن تشبيه واشنطن نظام الأسد بـ"عائلة المافيا" (10):
* شبهت الولايات المتحدة نظام الرئيس السوري "بشار الأسد" بـ"عائلة من المافيا"، داعية كل الذين لا يزالون يدعمونه بـ"التفكير مليًا" قبل الانصياع إلى "أوامر قتل الأبرياء"، وقالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية "فيكتوريا نولاند":
ـ في ظل نظام "الأسد"، السلطة السياسية في سوريا لا تعود إلى البرلمان ولا إلى مجلس وزاري، بل تتركز بين أيدي ما يشبه عائلة من "المافيا".
ـ الأمر الوحيد الذي سأقوله هو أن "الأسد" رئيس البلاد، وبالتالي فهو مسؤول بالكامل عن أعمال العنف التي تشهدها والتي أوقعت ما لا يقل عن 8500 قتيل منذ عام.
ـ لهذا السبب فإن الأمر الوحيد المطلوب فعله هو أن تسلم هذه العائلة السلطة.
ـ أولئك الذين يدعمون هذه العائلة والذين لا يزالون ينصاعون لأوامر قتل أبرياء، يحتاجون إلى التفكير مليا بما يقومون به وبالدم الذي تلطخت به أيديهم وعليهم القيام بخيار آخر.
4ـ تلويح الاتحاد الأوروبي بعقوبات جديدة على سوريا(11):
* قال وزير الخارجية الدنماركي "فيلي سوفندال" إن الاتحاد الأوروبي قد يفرض عقوبات جديدة على الحكومة السورية وسط علامات على أن العقوبات الحالية تضعف قبضة الرئيس الأسد على السلطة، مضيفًا:
ـ انشقاق نائب وزير النفط السوري سام الدين يظهر أن العقوبات الأوروبية تؤتي أثرها.
ـ نشعر جميعًا بالإحباط الشديد للوحشية الشديدة التي يواصل نظام "الأسد" اتباعها وإطلاق النار على الأطفال الأبرياء وتعذيب الناس.
5ـ مطالبة اتحاد العلماء المسلمين بقمة عربية ـ إسلامية طارئة(12):
* طالب الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين قادة العالمين الإسلامي والعربي بعقد قمة إسلامية، أو قمة عربية خاصة بسوريا؛ لإنقاذ الشعب السوري من بطش نظام "الأسد" بكل الوسائل المتاحة، داعيًا الشعب السوري بكل مكوناته، إلى الوحدة والالتفاف حول ثورته للدفاع عن حريته وكرامته، وأوضح في بيان له موقع من رئيس الاتحاد الدكتور "يوسف القرضاوي" وأمينه العام الدكتور "محيي الدين علي القره داغي":
ـ "يتابع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الجرائم والمذابح التي تقع في سوريا وخاصة في حمص وبابا عمرو، ودرعا وإدلب، وريف دمشق ونحوها من سائر المدن والمحافظات، حيث يندى لهذه الجرائم البشعة جبين النظام وأعوانه، من تلكم الجرائم الخطيرة، التي نالت الأبرياء من النساء والشيوخ والأطفال، والتدمير المنظم بجميع الأسلحة التي اشتريت بأموال الشعب، لتستعمل في الدفاع عنه، ولاسترداد الأراضي المحتلة، فإذا بها توجه إلى الصدور العارية من الشعب السوري المسالم".
6ـ تأييد العراق أول مرة الإطاحة بالنظام السوري(13):
* في تطور لافت أعلنت الحكومة العراقية ولأول مرة منذ اندلاع الانتفاضة الجماهيرية في سوريا ضد نظام "الأسد" أنها تؤيد تغييرًا جذريًا للحكم في سوريا مستبعدة في الوقت نفسه التدخل العسكري في هذا البلد، وقال المتحدث باسم الحكومة "علي الدباغ" لدى حضوره مؤتمر لمناقشة الأوضاع السياسية في العراق في كلية دجلة الجامعة ببغداد:
ـ العراق يساند الشعب السوري، وهذا يستدعي تغييرًا جذريًا في نظام الحكم من دون تدخل العراق.
ـ التدخل العسكري في الأوضاع السورية سيشعل النيران فيها، وأن أول من ستطاله تلك النيران هو العراق.
كان رئيس الوزراء "نوري المالكي" اعتبر في فبراير الماضي أن الاستقرار في سوريا لا يمكن أن يتحقق من دون إحداث تغيير، لافتًا إلى أن الحل يكمن في إجراء انتخابات تحت إشراف دولي وعربي، لكن العراق كان قد أعلن عن مواقف عدة بشأن الأزمة السورية وفي أكثر من مناسبة حيد نفسه فيها، حيث نأى بنفسه عن قرار الجامعة العربية في الثاني عشر من شهر نوفمبر 2011 بتعليق عضوية سوريا حتى تنفيذ الخطة العربية لحل الأزمة، فضلاً عن سحب السفراء العرب من دمشق، فقد امتنع عن التصويت على القرار الذي عارضه لبنان واليمن وسوريا، ووصفت الحكومة العراقية القرار بـ غير المقبول والخطر، مؤكدة أن هذا الأمر لم يتخذ إزاء دول أخرى لديها أزمات أكبر.
1ـ قراءة في إرهاصات الثورة السورية ما بين المسكوت عنه والمعمول به(14):
* ستكمل الثورة السورية عامًا من عمرها في 15/3/2012، وهي ثورة فاقت كل وصف، فالتطورات التي مرت بها ـ ولا تزال ـ تعكس التحول الحاد في مسارها من "ثورة" سلمية تهدف للتغيير والديمقراطية إلي "أزمة" بكل ما تعنيه الكلمة، فتدخلت دولاً وأطرافاً عديدة في إطار توازنات القوي والمصالح الإستراتيجية، إذ تراوح موقفهم من الأزمة مابين السكوت عن جرائم النظام السوري ودمويته التي تخطت كافة الحدود، وما بين التحرك الجاد لبعض الدول وعلي رأسهم "قطر" و"السعودية" لحل الأزمة، وبرغم كافة الجهود المبذولة إلا أن الأزمة السورية لازالت لا تراوح مكانها، وفيما يلي العديد من الملاحظات حول الثورة السورية كالأتي:
ـ بداية إرهاصات الثورة السورية بدأت فعليا في 17/2/2012 في قلب دمشق، حين خرجت التظاهرات التي تطالب بإسقاط نظام "الأسد"، فما كان من النظام، إلا أن تعسف في استخدام سلطاته القمعية وقام باعتقالهم واعتقال ذويهم، لتندلع بذلك شرارة الثورة الأولى المستمرة حتى الآن.
ـ مع تطور الأوضاع في سوريا، تدخلت في الأزمة أطراف عربية وإقليمية ودوليه، وكأن دورها انحصر في السكوت عن الجرائم التي يرتكبها النظام مما دفعه لتصعيد العنف ضد المتظاهرين، فكانت الحصيلة الأولية للثورة سقوط أكثر من 10 ألف شهيد و15 ألف مفقود و90 ألف معتقل و200 ألف نازح وعدد لا يحصى من الجرحى، وتدمير مدن وبلدات كاملة وذبح اسر بأكملها دون أن يتدخل العالم لوقف القتل الممنهج ضد الشعب السوري.
ـ رغم العجز العربي والدولي والإقليمي في حل الأزمة، إلا أن مواقف بعض الدول جاءت علي نحو يثبت التحرك العملي الجاد لاتخاذ خطوات قد تحل الأزمة، وعلي رأس هذه الدول:
قطر: التي أعلنت منذ البداية دعمها للشعب السوري في تحقيق طموحاته بكافة الطرق، فكانت من أوائل الدول التي أيدت إرسال قوات عربية ودولية إلى سوريا، فضلاً عن دعوتها لتسليح المعارضة السورية، بيد أن اتخاذ مثل هذا القرار ظل مرتهن بالموقف الدولي من هذا الخيار.
السعودية: التي دعت العالم للتحرك الجاد والسريع على نحو يعطي للشعب السوري بصيصا من الأمل في إمكانية إنهاء محنته المتفاقمة يومًا بعد يوم وانتقدت المواقف الدولية المتخاذلة في سياق تعاطيها مع هذه الكارثة الإنسانية.
ـ تعقدت الأزمة السورية علي نحو يصعب معه التوصل لحلول، لذلك ينبغي:
تقديم الدعم الحقيقي للثوار السوريين، وهنا يبدو خيار تسليح هؤلاء هو أفضل الخيارات لعمل موازنة بين الأدوات التي يستخدمها النظام وأدوات الثوار.
الضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لوقف المساومات التي تقوم بها علي حساب دماء الشعب السوري.
محاولة إقناع روسيا والصين أن خسائرهما ستكون كبيرة إذا استمرا بدعم نظام "الأسد".
2ـ الأزمة السورية.. أزمة نظام سياسي أم أزمة مجتمع؟(15):
* الأزمة التي فجرتها الثورة السورية هي أزمة النظام السياسي قبل أن تكون أزمة المجتمع السوري، بدليل:
ـ النظام السياسي السوري رغم أنه خرج من داخل المجتمع بتركيبته الاجتماعية، وتكوينه السياسي، وثقافته التي تعبر عن الاثنين معاً، لكن الثورة جاءت لتصحيح هذه الحالة ولوضع حد لهذا التماهي المدمر بين النظام والمجتمع، وفك الارتباط بينهما.
ـ ثورة المجتمع بهذا المعنى هي ثورة على ذاته لاستعادتها مرة أخرى من براثن الاستبداد الذي خلقه ذلك التماهي، وبالتالي يصر النظام ـ وتمشيًا مع الحالة العربية لما قبل الربيع ـ على إبقاء التماهي كما هو والتمسك به حتى ولو كان الثمن هو الدم السوري، لأنه يعرف أنه ملاذه الأول الذي احتمى به، وهو الآن ملاذه الأخير في وجه العاصفة التي تهدد باقتلاعه.
ـ النظام يحاول في هذا السياق، استخدام مقولة "سوريا هي قلب العروبة"، موحيًا بأن المعني بذلك هو النظام السياسي قبل أي شيء آخر، انطلاقًا من أن هذا النظام هو آخر أنظمة الممانعة والمقاومة العربية، وهذه مقولة وهمية لا يتبناها إلى جانب النظام، إلا إيران و"حزب الله اللبناني" فقط، ولكل من هذه الأطراف الثلاثة مآرب وأهداف أخرى من وراء هذه المقولة، بيد أن تعبير سوريا قلب العروبة هو سوريا المجتمع، والتاريخ، والجغرافيا، وليس النظام السياسي الحاكم.
3ـ "الأسد" يضمن موقعه كلاعب أساسي في عملية التفاوض(16 ):
ـ تتجه سوريا إلى حرب أهلية مطولة، وسيكون هذا الصراع من النوع الذي لا ينتهي لمصلحة أحد الأطراف نظرًا إلى الدعم الخارجي الذي يتكل عليه كل فريق، وإذا انتهى الصراع على طاولة المفاوضات، فإن "بشار الأسد" سيتمنى على الأقل أن يضمن موقعه كلاعب أساسي في عملية التفاوض.
ـ رغم أعمال القتل والدمار التي تنفذها قوى الأمن ضد الأحياء السورية التي تسيطر عليها المعارضة، إلا أنه من المستبعد أن ينجح "الأسد" في قمع هذه الانتفاضة القائمة منذ عام، وفي ظل الإدانة الدولية لحملة القمع وتوسع نطاق الانتفاضة التي دفعت بالسوريين إلى حمل الأسلحة لخوض معركةٍ حتى الموت، من المستبعد أيضًا أن ينجح "الأسد" في فرض وضع المراوحة مجددًا عن طريق القوة العسكرية، لكن حتى لو عجز "الأسد" عن الانتصار، ربما يملك سببًا وجيهًا للاقتناع بأنه يستطيع التوصل إلى نتيجة متعادلة مع الخصوم استنادًا إلى المعطيات الوطنية والدولية الراهنة.
4ـ السلطة السورية لن تنكسر إلا بسحب الجيش من سيطرتها( 17):
ـ المجلس الوطني السوري يقرر الانتقال إلى السلاح، ويجري الضغط من أجل أن يصبح "الجيش الحر" هو أساس المعارضة، والإعلام الداعم يكرر المعزوفة، ليصبح البديل من التدخل الخارجي الذي جرى الترويج له منذ خمسة أشهر، والذي توضح أنه غير ممكن، وليكون الخيار الوحيد الحاسم الآن.
ـ المشكلة تتمثل في أن كل الذين يدعون إلى التسلح والحرب لا يمتلكون أي فهم بالحرب، وهم يتعاملون مع المسألة كفزعة عرب أكثر مما يتعاملون معها كعلم هو أساس الانتصار، وليس جرأة المقاتلين التي لا تؤدي وحدها إلى شيء فعلي، فأكثر ما يمكن في وضع كالوضع السوري هو تشكيل مجموعات صغيرة نتيجة التفوق العسكري الكبير لدى السلطة، وهذا ما أفاد في دعم التظاهرات، أما حينما أصبح الوجود مكشوفًا فقد أصبح من السهل تدميره بكل الوحشية التي تمارسها السلطة.
ـ ضرورة سحب الجيش من سيطرة السلطة لكي تنكسر، فما دام معها لن يكون ممكنًا تشكيل جيش يستطيع هزيمته في الوقت الضروري لانتصار الانتفاضة، بل إن أي عسكري حقيقي يعرف أن ذلك يحتاج إلى سنوات لا تحتمل الانتفاضة انتظارها.
5ـ رفض النظام السوري تسليح المعارضة.. كلام حق يراد به باطل(18):
* أدت التطورات السلبية للأوضاع السورية، إلى ظهور دعوات تنادي بضرورة تسليح المعارضة، تزامناً مع ذلك جاء موقف النظام السوري رافضًا لهذه الدعوات، بيد أن اعتراضه على فكرة تسليح المعارضة، لا تتضمن أية إشارة إلى وقف استخدام العنف المفرط في معالجة الأزمة ولا طرح أية بدائل سياسية، بل أن النظام استغل هذه الدعوات بما يدعم وجهه نظره وموقفه أمام حلفاءه، حيث قام النظام بـ:
ـ التأكيد علي أن ثمة تدخلات في الشؤون السورية، وأن هذه التدخلات تدعم عسكرة الصراع في البلاد بما يؤكد فكرتي المؤامرة والجماعات المسلحة اللتين رددهما النظام والإعلام السوري كلاهما بأشكال مختلفة ومتعددة منذ بداية الأزمة في مارس الماضي.
ـ إرسال شكوى للأمم المتحدة تفيد بوجود مجموعات مسلحة منذ بداية الأحداث، هي التي تمارس قتل المواطنين الأبرياء بهدف تأجيج مشاعر المواطنين، وتحقيق كسب رخيص على المستويين الإقليمي والدولي، وأكدت الشكوى، أن تسليح الإرهابيين وتدريبهم سيقود إلى نتائج خطيرة على المنطقة.
6ـ الثورة السورية.. روح جديدة أبعد من التظاهر (19):
* رغم أن التظاهر والاحتجاج هما السمة الغالبة للحراك العام في المشهد السوري مقابل القمع الشديد، فإن ثمة تعبيرات وتحولات تجري خارج فعاليات التظاهر والاحتجاج، وهي التحولات التي تعبر عنها المساعدات المادية والعينية وعمليات الإغاثة الطبية والإنسانية، وكذلك إقامة البني والهيئات الاجتماعية والثقافية والسياسية، التي لا ينضوي بعضها في الإطار المباشر للصراع الجاري في سوريا بين السلطة ومعارضيها.
أ ـ أسباب هذه التحولات:
* إن الأسباب الرئيسية لهذه التحولات إنما تتمثل في عوامل متعددة ومعقدة تتداخل فيها الاعتبارات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي:
ـ صعود الوطنية السورية: التي حاولت من مواقع مختلفة تأكيد الخصوصية السورية في إجمالي اللوحة العربية، وجاءت تطورات الوضع لتعطيها ملامح جديدة لشجاعة السوريين وإصرارهم على السعي لتغيير حياتهم ورسم مستقبلات أخرى لأجيالهم القادمة ولبلادهم، وفرض هذا الوضع نفسه على السوريين في الداخل وفي الخارج .
ـ الخسائر البشرية والمدنية: جراء العمليات الأمنية – العسكرية التي يقوم بها النظام، حيث وقعت خسائر بشرية ومادية كبيرة ودمار واسع، يعجز الذين وقع عليهم أن يحتملوه، مما تطلب تضامنا واسعا من جانب السوريين الآخرين في البلاد وفي المهاجر.
ـ التفكير فيما ينبغي القيام به من أجل المستقبل: واهتمام الشعب السوري بالتطلع إلي ما بعد الأحداث الحالية، إيمانًا بأن ما يحصل الآن في البلاد سوف ينتهي وسوف يتم الانتقال إلى ظروف أخرى أفضل، مما يتطلب ـ لاسيما من نخبتهم السياسية والاجتماعية والثقافية ـ التفكير في ما ينبغي القيام به من أجل المستقبل، سواء تعلق الأمر برسم الآفاق والخطط، أو بإقامة البني والهيئات اللازمة التي من شأنها أن توفر فرص أفضل للحياة المستقبلية.
ب ـ تجليات الروح السورية الجديدة:
* تجليات روح السوريين الجديدة فيما هو أبعد من التظاهر تتجسد إجرائيا في الآتي:
ـ المساعدات المقدمة لضحايا السياسات الأمنية ـ العسكرية، وتوفير أسس مادية واجتماعية تجعلهم أقدر باتجاه استعادة حياتهم عبر توفير الغذاء والدواء واللباس والسكن.
ـ المبادرات المتنوعة ذات الدلالات السياسية والاجتماعية، التي تهدف إلي معالجة الأوضاع الراهنة على نحو ما كانت عليه مبادرة المنبر الديمقراطي الوطني السوري الأخيرة والهادفة إلى توسيع مساحة الحوار بين السوريين، والمبادرة بالبحث عن حلول ومعالجات للأزمة القائمة أو لبعض من تجلياتها، وهو ما يمثل جزءا من هاجس الهم المستقبلي الذي يبحث في صورة سوريا القادمة، البلد الديمقراطية التي تهم وتعني كل مواطن فيها من دون تمييز من أي نوع كان.
7ـ قراءة تحليلية في تغير الموقف الروسي من الأزمة(20):
* إن إعلان وزير الخارجية الروسي ـ ونظيره القطري ـ في المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد في القاهرة 10/3/2012، فضلاً عن اتفاق روسيا والجامعة العربية على خمسة أسس تسوية الأزمة السورية من بينها قرارات الجامعة المتضمنة دعوة "الأسد" إلى ترك السلطة، لا يمكن القول إنه انقلاب في الموقف الروسي بقدر ما أنه يعد اختراقًا مهمًا.
أ ـ العوامل التي أدت إلي ذلك :
* هناك العديد من العوامل التي أجبرت روسيا علي فهم سياق الأحداث في سوريا قبل أن تكرر أخطاءها، وإعادة النظر بما اعتبرته معركتها مع الطرف الأطلسي، وهذه العوامل تنطلق من رؤيتها لمواقف الدول الأخرى وواقع انقسام المعارضة، وهو ما يمكن توضيحه كالتالي:
ـ الموقف العربي: الذي نجح في تغيير المعادلات الدولية بما في ذلك الحكم السوري، لأنه يعلم أن الطرف التاريخي الذي انطلق من تونس بالتغيير، لم يكن مجرد عارض عادي،وبالتالي النظام الذي يحكم سوريا معتمدًا على التأييد القادم من روسيا والصين، وتحالفها مع إيران لن يدوم لأن كلفة السير خلف نظام مرفوض من أكثريته الشعبية، يجعل الرهان عليه خطأ سياسيًا واستراتيجيًا.
ـ موقف الصين غير المحدد: فهي لم تأخذ بالخيارات الجدية، ولم تفسر موقفها وفق هدف محدد، إذ إنها تعلم أن سياسة المناورة خلف روسيا لا تساعدها على بناء علاقات إيجابية، بل ستكون موضع شك في سلوكها السياسي الذي يتأثر دائما بدول المنطقة التي لها مصالح كبرى معها.
ـ موقف إيران: فهي تعرف أن اتجاه البوصلة تغير، ومهما منحت وساعدت ووقفت مع النظام، فالشعب أنهى ثقته بها لأن انحيازها المبني على تحالف طوائف تتشابه بالأهداف، لا يعطيها الميزة التي جعلتها لاعبا داخل النظام وخارجه، بل حتى حزب الله سيرى أن الطرق ليست سالكة أمام غضبة شعب راهن على سلطته ودخل معها في ذبح الشعب السوري.
ـ دور الجامعة العربية: القائم علي مواجهة النظام السوري بصراحة تامة، والدعوة في هذا الإطار للعديد من المبادرات فضلا عن الاجتماعات لحل الأزمة السورية.
ـ المعارضة السورية التي لازالت منقسمة: وهذا سر ضعفها، وان كان تصعيد النظام سيشكل لها نموذج إدارة جديدة في الداخل، حيث سيساعدها علي كسر حاجز التراخي والخوف علي نحو يعجز النظام عن وقفه إذا لم يعد النظر بمسلماته وسلوكه.
ب ـ أبعاد الموقف الروسي:
ـ هذا الموقف الروسي الأكثر مرونة في التعامل مع الأزمة السورية، يوحي بأن موسكو قررت أن تلعب في سوريا نفس الدور الذي لعبته الرياض في صنعاء لخروج "علي عبد الله صالح" تحت غطاء دولي، في ظل:
ثقة واشنطن أن موسكو بمقدورها إخراج "الأسد" وفق الصيغة اليمنية السلمية.
توافر أنباء عن وجود حديث دار بين روسيا وأحد المسؤولين العرب بشأن سبل حل الأزمة السورية، وحينها أكدت روسيا إن "الأسد" ساقط لا محالة، وأنها لا تكترث لذلك، بل ما تكترث به هو عدم إسقاط النظام ككل.
8ـ الانشقاقات السياسية والعسكرية.. هل هي مؤشر على الانهيار داخل النظام(21):
* تعكس الانشقاقات المدنية والعسكرية التي يشهدها النظام السوري حالة التأزم التي يعانيها في الداخل ولاسيما في ظل تزايد الضغوط الدولية والترحيب الغربي بهذه الانقسامات داخل النظام، بيد أن التأثير المحتمل لهذه الانشقاقات علي مسار الأزمة يتوقف على اعتبارات عدة، وهي:
ـ بنية النظام السوري وطريقة إدارة الدولة: فالدولة في سوريا تدار من خلال جهاز أمن تتبع له الحكومة، والموظفون داخل الإدارة المدنية يتم اختيارهم بعناية بحيث يكون من الصعب على أي منهم الانشقاق إلا في حالات نادرة. ولعل ذلك ما يفسر بطء حالات الانشقاق عن النظام سواء بين كبار الموظفين أو الدبلوماسيين أو القطاعات الأخرى.
ـ الضغوط الدولية سياسيًا ودبلوماسيًا: خاصة بعد استبعاد عسكرة الأزمة، كما جاء في مقررات مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي استضافته تونس مؤخرا، حيث صدرت تحذيرات كثيرة حول مخاطر التدخل الأجنبي الذي سيؤدي إلى زيادة الإخلال بالأمن والعنف والفقر كما أن الجامعة العربية رفضت التدخل العسكري.
ـ الانقسام الدولي بشأن الأزمة: فمازال المجتمع الدولي يشهد خلافات حول كيفية التعامل مع الأزمة حيث:
مجموعة من المنظمات والدول على رأسها الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي إضافة إلى الولايات المتحدة تطالب بتشديد العقوبات على السلطات السورية لوقف العنف.
مجموعة أخرى على رأسها الصين وروسيا تري أن ما يحدث في سوريا شأن داخلي يجب حله عبر حوار وطني، رافضة أي تدخل خارجي بالشأن الداخلي السوري. وان كانت الصين بدأت تتحرك دبلوماسيا في محاولة لتسوية الأزمة بالطرق السلمية، حيث صرح متحدث باسم وزارة الخارجية الصينية بأن بلاده تدعم الجهود كافة التي تساعد على حل الأزمة بطرق سلمية.
9ـ عدم وجود بديل ليس سببًا لجرائم النظام السوري(22 ):
ـ الذي يراهن على الشعوب يبقى، وهذا هو السبب الأول الذي جعل الولايات المتحدة وأوربا تتخلَّى عن نظام حسني مبارك حليفهم التاريخي مرغمين لا مختارين؛ فمن يقف ضد إرادات الشعوب هو مثل من يقف أمام الطوفان الجارف، فاستشرفوا المستقبل، وواكبوا التيار، لأن العقلانية والموضوعية والظروف على الأرض تحتم عليهم أن يواكبوها.
ـ إسرائيل التي كان يحرص "حافظ الأسد" وكذلك الابن على إرضائها للبقاء في حكم سوريا، لن تستطيع أن توقف هذا المد الجارف من الغضب الشعبي المتفجر، وليس أمامها في نهاية المطاف إلا القبول برحيله والتعامل مع من سيخلفه، فالإسرائيليون يدركون تمامًا أن الإصرار عليه، والتشبث بإبقائه كما يفعل الروس والصينيون، هو كمن يراهن على حمار أعرج معلول في سباق للخيول.
ـ هناك من يجعل عدم وجود بديل للأسد سببًا للإبقاء عليه خوفًا من فراغ السلطة والحرب الأهلية، وفي رأي هؤلاء أن البديل لو توفر لتخلّى عنه الجميع، بمن فيهم روسيا والصين. فابن علي تم إسقاطه من حكم تونس ولم يكن له بديل حينذاك، وكذلك حسني مبارك في مصر؛ فالذي تريده الشعوب ليس استبدال شخص بشخص، وإنما استبدال دولة الأشخاص بدولة المؤسسات.
10ـ المرحلة الانتقالية.. الحل الوحيد تفاديًا لتفكيك الكيان السوري(23):
* يبدو أن الحل الوحيد المناسب للخروج من الأزمة السورية هو المرحلة الانتقالية، التي بمقتضاها يسلم الرئيس "الأسد" السلطة إلى مجموعة من العقلاء تتولى الأشراف على هذه المرحلة، في ظل تعقد السيناريوهات الأخرى إذ تصب في مستقبل مخيف للمنطقة كلها وليس لسوريا وحدها، مثل هذا السيناريو يجنب سوريا الآتي:
ـ الدخول في حرب أهلية: فتجنب مثل هذا السيناريو سينعكس إيجابًا ليس فقط علي سوريا بل علي الدول المحيطة خاصة لبنان، نظرًا إلى أن النظام السوري لم يجد لنفسه مهمة منذ ما يزيد على أربعة عقود سوى زرع الفتن الطائفية والمذهبية في البلد المجار. وبعدما صار عاجزًا عن ذلك لجأ إلى استخدام الميليشيا المسلحة الإيرانية المسماة "حزب الله اللبناني" لتهديد اللبنانيين وفرض حكومة مصنوعة من أجل تفادي قول كلمة حق في وجه الظلم الذي يتعرض له الشعب السوري يوميا.
ـ طرح أزمة الكيان السوري: التي استمرت منذ الاستقلال منتصف الأربعينات من القرن الماضي. وهذه الأزمة العميقة هي ما جعلت النظام السوري في السنوات الخمس والأربعين الماضية في حال توجهه مستمر إلي الخارج، وهو ما بدا واضحًا عندما سعي النظام إلى فرض الوصاية على لبنان.
(1) الشرق القطرية، الشرق الأوسط، الحياة، رويترز، أسوشييتد برس انترناشونال، الحياة، العربية نت، الجزيرة نت، وكالة الأنباء الفرنسية، الألمانية، القطرية، الكويتية، السعودية، أخبار الخليج، الخليج الإماراتية، البيان الإماراتية، راديو سوا، هيئة الإذاعة البريطانية، 11/3/2012.
(2) الحياة، وكالة الأنباء الكويتية، 11/3/2012.
(3) عبد الرحمن الراشد، الشرق الأوسط، 11/3/2012.
(4) وكالة الأنباء السورية الرسمية، الشرق الأوسط، رويتر، الخليج الإماراتية، 11/3/2012.
(5) الشرق الأوسط، رويترز، 11/3/2012.
(6) الشرق القطرية، 11/3/2012.
(7) وكالة الأنباء الفرنسية، رويترز، 10/3/2012.
(8) الشرق الأوسط، الحياة، 11/3/2012.
(9) وكالة الأنباء الفرنسية، الشرق القطرية، وكالة أنباء الصين الجديدة، 10و11/3/2012.
(10) واشنطن بوست، 10/3/2012.
(11) رويترز، 10/3/2012.
(12) الشرق القطرية، 11/3/2012.
(13) الشرق الأوسط، 11/3/2012.
(14) سمير الحجاوي،الشرق القطرية،11/3/2012.
(15) خالد الدخيل، الحياة،11/3/2012.
(16) توني كارون، الجريدة الكويتية 6/3/2012.
(17) سلامة كيلة، الحياة، 6/3/2012.
(18) فايز سارة،الحياة،10/3/2012.
(19) فايز سارة، الشرق الأوسط،11/3/2012.
(20) يوسف الكويليت، الرياض السعودية ـ طارق الحميد، الشرق الأوسط 11/3/2012.
(21) نشرة أخبار الساعة، العدد (4798)،11/3/2012.
(22 ) محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، الجزيرة السعودية، 6/3/2012.
(23) خيرالله خيرالله، الرأي الكويتية،11/3/2012.
تحت عنوان: "انتكاسة لمهمة كوفي عنان في سوريا عقب اجتماعه مع الرئيس الأسد"، ذكرت صحيفة صنداي تلجراف (11/3/2012) أن مهمة عنان المثيرة للجدل في سوريا واجهت عقبات وانتكاسة جديدة السبت عندما قال له الرئيس السوري بشار الأسد أن لا حوار مع "الجماعات الإرهابية المسلحة”.
وتقول الصحيفة إن عنان يسعى إلى إيجاد وسيلة لوقف النار أو الهدنة، وتسهيل إيصال المعونات العاجلة إلى ضحايا العنف، وفتح الباب أمام إجراء حوار بين الحكومة والمعارضة.
وأضافت الصحيفة أن التلفزيون السوري بث شريطا مصورا لعنان مع الأسد، وقال إن الاجتماع سادته "أجواء ايجابية”.
إلا أن شخصيات سورية معارضة انتقدت بشدة مهمة عنان، إذ تنقل الصحيفة عن متحدث باسم المعارضة السورية قوله إن مهمة الأمين العام السابق للأمم المتحدة "مجرد مضيعة للوقت”.
ويعتقد معارضو النظام الحاكم في البلاد أن الأسد اختار سياسة "القمع الوحشي"، وهو جعل فرص نجاح المحادثات ضئيلة جدا.
وتقول الصحيفة إن لا تفاصيل تذكر تسربت عن النقاش الذي دار بين الأسد وعنان، لكن يبدو أن الأول استبعد فكرة حوار هادف لأنه أن سوريا تحارب جماعات مسلحة مدعومة من أعداء خارجيين، وليس ثورة شعبية ضد نظامه.
وحول سوريا أيضا نقرأ في صحيفة الاندبندنت (11/3/2012) عنوانا يقول: القوات السورية تشن هجوما جديدا وسط جهود دبلوماسية.
وتقول الصحيفة إن القوات السورية شرعت في هجمات جديدة على منطقة إدلب، شمالي البلاد، وبدأت في قصف واحدة من معاقل الانتفاضة الشعبية ضد حكم الأسد، وهو ما دفع الأسر إلى الفرار من منازلها، في حين يحاول المسلحون المعارضون صد تلك الهجمات، وشوهدت سحب دخان كثيفة في أجواء ادلب.
وتشير الصحيفة إلى أن العملية العسكرية الجديدة أثارت مخاوف من احتمال أن يكون النظام الحاكم يخطط لهجوم شامل على ادلب شبيه بالحصار الدموي الذي انتهى الشهر الماضي إلى السيطرة على حي بابا عمرو في مدينة حمص.
وكما هو حال الصنداي تلغراف، ترى الاندبندنت أن مهمة عنان تواجه طريقا مسدودا بعد أن ابلغ الأسد المبعوث الدولي أن لا حوار طالما ظلت "المجموعات الإرهابية المسلحة تنشر الفوضى وتسعى إلى زعزعة استقرار البلاد"، حسب تعبير وكالة الأنباء السورية الحكومية "سانا".
ليفيانا وورلد في مجلة التايم (11/3/2012) تحكي قصة هروب الأجانب من حمص بعد قذف المركز الإعلامي في بابا عمرو، من بين هؤلاء الصحافيين الفرنسيين.
وعبر وليام دانيال عن استيائه من تحرك العالم لإنقاذ الصحفيين دون أن يتحرك لإنقاذ الشعب السوري الذي ينزف الدم بحثا عن الحرية.
كتبت واشنطن بوست(11/3/2012): واشنطن وحلفاءها يبحثون خيار الحل العسكري في سوريا بعد فشل المساعي الدبلوماسية، فمع تضاؤل فرص التوصل لحل دبلوماسي للأزمة السورية، بدأت واشنطن وحلفائها التفكير في إمكانيات البديل العسكري رغم استمرارها في الدفع بالحل الدبلوماسي.
وتنقل الصحيفة عن مسؤولين بالأمم المتحدة أن البديل سيشمل تسليح المعارضة السورية، وكذلك إنزال قوات لحماية ممرات المساعدات الإنسانية أو إقامة منطقة آمنة للثوار وربما قصف السلاح الجوي السوري.
وأوضحت أن هناك انقساما بين أنصار هذا الطرح حول مدى العمليات العسكرية، ومتى وكيف يجب تنفيذها ومن يشارك او لا يشارك فيها.تقول الصحيفة إن الكثيرين يتساءلون عن مدى شرعية الخيارات العسكرية من وجهة نظر القانون الدولي.
ركزت صحيفة الاندبندنت اون صنداي (11/3/2012) في إصداراتها على الملف السوري، والحملات العسكرية وقصف القوات الموالية للنظام لعدد من الأحياء السورية، في الوقت الذي يجلس فيه الرئيس بشار الأسد مع المبعوث الأممي، كوفي عنان، لمناقشة سبل نزع فتيل الأزمة.
وجاء في المقال، أن رفض الرئيس السوري إجراء أي حوار مع المعارضة في الوقت القريب، بالإضافة لعدم إمكانية إيجاد حل سياسي في الوقت الذي تنتشر فيه "الجماعات الإرهابية" في سوريا، يرمي عرض الحائط المحاولات الدولية لمناقشة وحل القضية السورية.