هكذا كنا نردد، لكننا لم نكن نعي حجم تلك العبارة مثل وعينا لها الآن!
فحين يتراءى أمامنا موقف ذلك الرجل-من أرضِ سوريا الأبية- حين كانت التهديدات تحيط به من كل جهةٍ بأن يتلفظَ كلمةَ باطلٍ "مُكْرَهٍ بها" بأصناف التعذيب.. فيأبى حينها إلا أن يلجأ لله وحده فيُظهر التوحيد بقلبٍ مؤمنٍ نحسبُ أنه كان مع الله في الرخاء فثبته عند الشدة، ولا نزكي على الله أحدًا.
والموقف يتكرر هناك، فلا يزيدنا إلا ثقةً بأن الابتلاء يصنعُ عزةً نفقدها عند كثيرٍ من المرفهين..!
ولنرجع إلى الماضي، ونقلب صفحات التاريخ.. لتعيد لنا مواقف الثبات حيةً أمامنا..
(عمّارُ ابن ياسرْ).. ذلك الشابْ الذي شرح الله صدره للإسلام، فكان الصدقُ ينبعُ من لآلِئ سيرته؛ إذ كان سبباً في إسلام أسرته التي لازالت مواقفها تكتب بماء الذهب.
حين انتشر إسلامُ خبر الثلاثة (ياسرٌ وسميةُ وعمّار) إلى "بني مخزوم" استشاطوا غضباً، وأقسموا ليَرُدُّونهم عن إسلامهم أو لَيورِدُنَّهم موارد الهلكة!
فجعلوا يأخذون الأبوين وفتاهما إلى بطحاء مكة، ويُلْبِسونهم دروعَ الحديد، ويصهرونهم بأشعة الشمس، ويمنعون عنهم الماء، ويتعاقبون عليهم بالضربْ .. وتُعاد الكرّة يوماً بعد يوم!
فما زلزل ذلك من إيمانهم شيئًا!
ولقد مَرَّ بهم الرسول صلى الله عليه وسلم، ذات يوم وهم يعذبونهم ذلك العذاب، فوقف عليهم وقال:
(صبراً آل ياسر؛ فإن موعدكمُ الجنة)، فهدأتِ النفوس المُعَذبة.. الموقنة بأنّ غمسةً في الجنةِ تُنسي ابتلاءات الدنيا بأسرها..
يا الله!! ما أحلى الوعدُ (فإنّ موعدكم الجنة) ممن لا ينطِقُ عن الهوى!
هذا هوَ الذي يرجوه من كان يؤمنُ بأن الله تعالى إذا أراد رحمة عبده كفّرَ عنه خطاياه؛ لينعمْ غداً بما لم يخطرْ على قلب بشرْ..
اللهم ثبتهم على الحقِّ حتى يلقوك، وانصرهم، وارزقهم الفردوس بغير حساب.
https://islamicsham.org