تربية الأطفال في ظل الكوارث والأزمات (2)
الكاتب : رفيقة دخان - أخصائية نفسية
الأحد 20 أكتوبر 2013 م
عدد الزيارات : 3685

تربية الأطفال في ظل الكوارث والأزمات (2)

 

التجارب التي يمر بها الطفل خلال نموه تحدد الطبيعة التي سيكون عليها عند البلوغ، فهو ينمو ويتطور على الأصعدة الاجتماعية والثقافية والروحية ولتحقيق نمو متوازن على جميع هذه الأصعدة لابد من أن يعيش الطفل ضمن عائلة ترعاه وتقدم له جميع الحاجات الفسيولوجية اللازمة لحياته ونموه وتحيطه بالرعاية والحب وتولي أهمية لتعليمه وتدريبه شؤون الحياة.
 
لكن تعرض الطفل لصدمات يؤثر في حاجاتهم الفسيولوجية والنفسية؛ ما يؤدي لزعزعة النمو المتجانس لديه، وقد يؤثر -نتيجة ذلك وبشكل مباشر- في تطوره ونمو وظائفه العقلية والنفسية مدى الحياة.
يعاني الطفل لدى تعرضه لأي شكل من أشكل الصدمة النفسية سواء ما نتج لأسباب طبيعية، كالزلازل، أو ما كان من صنع الإنسان كالاعتداء والعنف والحروب والحوادث بجميع أشكالها ونتائجها من فقد أحد أفراد الأسرة أو التهجير والتشرد، أو فقد أحد الاطراف. كما قد تكون الصدمة مباشرة، بمعنى: تعرضه للحدث بشخصه، أو غير مباشرة، بمعنى: تعرض الطفل للصدمة نتيجة سماعه قصصاً حدثت لآخرين. ويُظهر الأطفال أنواعاً متعددة من ردود الفعل التي قد تظهر مباشرة أو بعد أيام أو شهور أو حتى سنين.
 
ويعبر الأطفال عن صعوباتهم وردود أفعالهم تجاه الضغوطات والصعوبات التي تعرضوا لها نتيجة الكوارث والحروب بطرق مباشرة بالشكوى من: الخوف، التوتر، الضيق، طرح التساؤلات بشكل مفرط. كما يعبرون بشكل غير مباشر عن طريق سلوكيات مختلفة وغير ملائمة للطفل فقد تظهر التأتأة والتلعثم، كما قد يزداد لمسهم لأعضائهم التناسلية أو فقدان السيطرة على التبول والبراز؛ حيث قد يحصل لهم إما إمساك أو عدم تحكم بالإفرازات؛ كما قد يصاب الطفل بالنكوص والتراجع إلى سلوكيات طفولية غير ملائمة لمرحلته العمرية الموجود بها، والتوقف أو الإقلال من الأكل وفقد الشهية أو الإفراط في تناول الطعام يعد من الأشكال البارزة للتعبير عن الاضطرابات، كما قد نلحظ اضطرابات في النوم من صعوبة في الدخول بالنوم أو الكوابيس والمخاوف وبالتالي الاستيقاظ المتكرر أو الإفراط بالنوم وصعوبة الاستيقاظ والشعور بالتعب والنوم لساعات طويلة أو في الاوقات الغير معتادة للنوم.
 
غالبية الآلام التي يُعبّر بها الاطفال عن توترهم ومشاكلهم الضاغطة هي آلام في البطن والرأس وأحيانا يشكون من آلام بالأطراف، وهذه الأعراض –غالباً- ناشئة عن تشنج العضلات الضاغطة.
التعلق بشخص واللصوق به، أو التعلق بلعبة أو غرض معين، أو بطانية أو حذاء أو أي شيء يعطي الطفل الشعور بالأمان، وهذه الأمور – كذلك- من صور التعبير غير المباشر عن الضغوط والصعوبات التي يشعرون بها. وهذا يوجب على المربين ملاحظة هذه السلوكيات والتنبه لها لمعرفة من هو الطفل الذي يقع في دائرة الخطر.
 
وقد ساعدت الأبحاث في معرفة من الطفل الذي يمكن وضعه في خانة الخطر انطلاقا من السلوك الذي يظهره. ومن المعروف أن ردود الأفعال الحادة تظهر لدى الاطفال الذين كانوا في مكان الكارثة. أو اختبروا تهديدا مباشرا لحياتهم أو حياة من يحبون، أو تعرضوا لإصابة جسدية خطرة، أو سمعوا صراخاً واستغاثة ولم يتمكنوا من المساعدة، أو فقدوا الدعم من الكبار أثناء الكارثة. ويجب أن نلاحظ أن الصدمات التي تكون من فعل الإنسان -كالاغتصاب والاعتداء والتعذيب- تكون أكثر ضررا من الصدمات الناتجة عن الحوادث والكوارث التي لا مفر منها.
فأثناء الصدمة وبعدها يعاني الطفل مشاعر الذعر والعجز والرعب؛ ما يؤدي الى اضطراب عاطفي حاد ومزمن. وهذا يؤدي عادة إلى ظهور اضطرابات على ثلاثة أنواع: 
اضطراب ما بعد الصدمة / القلق / اليأس / نوبات الغضب المفاجئ / محاولات الانتحار / مشاكل دراسية / مشكلات بالذاكرة / نقص في الانتباه والتركيز /مشكلات في العلاقات مع الآخرين/ أشكال النكوص.
اضطراب الضغط الحاد.
اضطراب التكيف.
وهذه الاضطرابات تحتاج لمساعدة أخصائي نفسي ليؤازر دور الأسرة والمربين. 
 

https://islamicsham.org