التقرير الإعلامي السابع و الثلاثون 11 فبراير/شباط 2012
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
السبت 11 فبراير 2012 م
عدد الزيارات : 2431

 

الأزمة السورية و بداية تشكيل منطقة عازلة في حمص

سيطرت أخبار سوريا على كثير من الصحف  البريطانية الصادرة اليوم، حيث أوردت صحيفة الديلي تليجراف (11/2/2012)، تقريراً تحدث عن إن المعارضة المسلحة في سوريا تحرر قطعة  بعد قطعة في سوريا لعمل منطقة تصبح مناطق آمنة فيما بعد لها. إن هذه المنطقة الآمنة التي سعت المعارضة المسلحة الى إنشائها منذ فترة طويلة هي موجودة الآن، فالمقاتلين تمكنوا بعد يوم كامل من القتال  الاستيلاء على مركز كبير للشرطة ومبنى للمخابرات السورية، وأوضحت الصحيفة أن المسلحين توسلوا لشهور من تركيا وحلف الناتو والجامعة  العربية لاستخدام القوة من أجل إنشاء هذه المنطقة، لتكون قاعدة ينطلق منها وملاذاً للفارين من العنف، لكن الواقع الآن يقول أن هناك  أميال حول حمص والقرى الريفية  تصل قد تصل الى الحدود اللبنانية خالية تماما من أي وجود للنظام السوري وقواته، وهذا يؤطر لما قد يصبح انتصارات واضحة للمعارضة السورية إذا وجدت الدعم اللازم.
وفي الشأن ذاته، نشرت صحيفة الفاينانشال تايمز (11/2/2012)، تقريراً تحت عنوان "تصاعد الضغوط من أجل  تسليح المتمردين في سوريا"، حيث ذكر أنه في مكالمة مع  أحد قادة المجموعات المتمردة في شرق دمشق قال، أن هناك الآلاف من المستعدين للمشاركة الفعلية ضد القوات النظامية لكن المئات فقط هم الجاهزون للمشاركة، وذلك بسبب نقص السلاح، لكن الصحيفة تنقل قول "جلين رانجول" أحد خبراء  الشرق الأوسط في جامعة كامبريدج، عن أن تسليح المعارضة من باب التعاطف معهم قد يؤدي في نهاية الأمر الى مزيد من تثقالٍ في محنتهم. إن التدخل في سوريا أكثر مخاطرة مما حدث في النموذج الليبي  خاصة وأن متمردي سوريا اضعف كثيراً من متمردي ليبيا، حسب وجهة نظر الصحيفة.
وقالت صحيفة الفاينانشال تايمز، أيضاً، أن وضع رجل الأعمال السوري مصباحاً صغيراً يعمل بالبطارية في مكتبه، هي محاولة ذكية، لكن غير مجدية لإزالة الظلام المحيط بالغرفة، فانقطاع التيار الكهربائي في حلب، العاصمة التجارية لسورية، عادة ما يدوم الآن بين ساعتين وخمس ساعات يومياً، ما يعتبر عبئا آخر على الشركات التي تراجع أداؤها أصلا بسبب الأزمة في البلاد، وهذا التنفيذي جزء من نخبة رجال الأعمال السوريين الذين تحطمت آمالهم في تحقيق أرباح جيدة، جراء الانتفاضة التي بدأت قبل 11 شهراً تقريبا، في بلد ترافق فيه الاستقرار السياسي المصاحب للديكتاتورية مع التحرر الاقتصادي، ومع تركز الاهتمام على العنف الذي يجتاح البلاد والنزاعات الدولية حول ما يجب القيام به حيال ذلك، أصبح الاقتصاد المتداعي والقطاع الخاص المشلول مصدر تهديد أقل وضوحا، لكن أقوى بشكل متزايد، لرفاه السوريين العاديين وربما للتوقعات المستقبلية لنظام الرئيس بشار الأسد. وقد عقدت العقوبات الاقتصادية على الشركات السورية الحصول على خطابات الاعتماد للقيام بأعمال في الخارج، في حين أن نقص الدولارات وتراجع قيمة الليرة السورية المترتب على ذلك ـ بنسبة 50 في المائة ـ تسبب في ارتفاع أسعار اللوازم المستوردة. وقد أدت الأزمة إلى انقلاب بعض رجال الأعمال ضد نظام الأسد. وقال أحد هؤلاء في دمشق: ''لم أكن أتصور أبدا أني سأكون ضد هذا النظام''، مضيفا أنه تخلص من 10 في المائة من موظفيه الشهر الماضي ويتوقع إجراء مزيد من التخفيضات. ومعارضته للحكومة تستند إلى أسباب إنسانية في المقام الأول.
ونشرت صحيفة الجارديان (11/2/2012)، مقالاً "لجونثان لوفريدلاند" أكد فيه على أن سوريا ليست العراق  وأن التدخل العسكري ليس دائماً خطأ، وينتقد مجموعات السلام التي لا تريد من الولايات المتحدة التدخل في سوريا عسكريا، وأضافت الصحيفة بان رفض التدخل أسوة بما حدث في العراق لا يحمل  أي بعدٍ أخلاقي.

إسرائيل تستعد للأسوأ

ذكرت صحيفة هآرتس (9/2/2012) أن الحكومة الإسرائيلية تستعد لسيناريوهات مختلفة لمستقبل الأزمة السورية، ومنها نقل كميات كبيرة من الأسلحة من سوريا إلى "حزب الله" اللبناني، أو استيلاء جهات إرهابية على مستودعات الأسلحة. حيث:
ـ هذه السيناريوهات تأتي في أعقاب تأزم الوضع في سوريا وتزايد التهديد على حكم الرئيس "بشار الأسد"، وإن هذا الوضع يزيد القلق حيال إمكانية سقوط مستودعات الأسلحة بأيدي “المنظمات الإرهابية المختلفة.
ـ تقديرات أجهزة الاستخبارات تشير إلى أن سقوط "الأسد" بات قريباً، وإسرائيل تتخوف من نقل أنواع من الأسلحة بحوزة سوريا ومنها صواريخ متطورة مضادة للطائرات وصواريخ طويلة المدى وأسلحة بيولوجية وكيميائية.
ـ قوات الأمن السورية أخذت تفقد قدرتها على السيطرة على ما يحدث في البلاد، ولاسيما في المناطق البعيدة عن العاصمة دمشق.

انعكاسات الأزمة السورية على لبنان، وعلماء دين يسقطون شريعة "الأسد" ويدعون إلى عصيان الأوامر

ذكرت صحيفة الشرق الأوسط (11/2/2012) أن عدداً من العلماء المسلمين المنضوين تحت لواء "رابطة علماء أهل السنة" قد أعلنوا شغور منصب الرئاسة في سوريا بعد سقوط كل أشكال الشرعية والصلاحية لحكم البلاد عن بشار الأسد ونظامه، والطلب من عناصر الجيش عصيان الأوامر إذا صدرت إليهم بقتل أحد من أفراد الشعب. ونقلت الصحيفة عن الدكتور "صفوت حجازي"، أمين عام "رابطة علماء أهل السنّة"، وأحد الوجوه البارزة للثورة المصرية أنّ البيان الذي أصدرته الرابطة معلنة فيه شغور منصب الرئاسة في سوريا، قد جاء بعد الانتظار سنة كاملة استمر فيها النظام في قتل المحتجين، وممارسة الأعمال القمعية دون التوصل إلى حلول دبلوماسية. وأضاف "حجازي" أن الرابطة لم تصدر البيان إلا بعد التواصل والاتفاق مع أكثر من 50 عالما إسلاميا في داخل سوريا أيدوا موقف الرابطة.
وذكرت صحيفة القدس العربي(11/2/2012)، أنه نتيجة تبادل مسلحين إطلاق النار بالأسلحة الرشاشة في منطقتي باب التبانة وجبل محسن في طرابلس شمال لبنان، قامت السلطات اللبنانية بنشر الجيش اللبناني في منطقة الحدود اللبنانية - السورية الشمالية، وذلك للسيطرة على العنف الذي حدث ولمنع ذرائع النظام السوري لتبرير إدخال وحدات من جيشه الى داخل الأراضي اللبنانية لوقف عمليات تهريب الأسلحة الى المعارضة السورية وضبط حركة النازحين السوريين في البلدات التي لجأوا إليها في عكار وامتداداً إلى طرابلس، وذكرت ان هناك نية باختراق الحدود اللبنانية لمكافحة تهريب السلاح، وان النظام السوري حدد ساعة الصفر للبدء بشن عملية عسكرية في داخل منطقة وادي خالد في عكار، والى أن المهلة التي حددها النظام السوري لإدخال مجموعات من الجيش السوري الى وادي خالد، كانت بمثابة إنذار مباشر للحكومة اللبنانية تنتهي قبل انتهاء الأسبوع الحالي، وقال إن أركان الدولة تبلغوا فحوى هذا الإنذار إضافة الى قيادات لبنانية في الأكثرية والمعارضة. وكان أهالي البلدات المذكورة لاحظوا استقدام جرافات سورية بدأت تفتح فجوات في السواتر الترابية التي سبق للجيش السوري أن رفعها في المناطق المتداخلة لإقفال ما يسمى بالمعابر غير الشرعية بين البلدين.
بينما قالت صحيفة المستقبل اللبنانية(11/2/2012)، أنه فيما يستكمل الجيش اللبناني انتشاره العسكري الأولي في وادي خالد، وتحديداً في الكنيسة وحنيدر، كخطوة أولية ستتبعها لاحقاً خطوات أخرى في مناطق حساسة وفق مصدر عسكري، بعد أن يتم تحديد نقاط الانتشار وأماكنه، تمركزت امس قوة مؤلفة من ثلاثة ملالات وعربتي "هانفي" وشاحنة عند مدخل الكنيسة، تبعها دوريات للجيش في أرجاء الوادي، وفيما لم يتم معرفة أهداف وحجم ونوعية خطة الانتشار، يبقى أن تقييم هذه الخطوة بنتائجها سيظهر في الأيام المقبلة رغم الترحيب السياسي من نواب "المستقبل"، والحذر الذي تبديه بعض الأوساط الأهلية المحلية، متخوفة من أن يكون لأهداف غير تلك المعلنة، فيما طرحت أخرى علامات استفهام بشأنه، وهل هو استجابة لرغبات وقرارات اللجنة الأمنية السورية ـ اللبنانية التي التأمت في الدبوسية من أسبوع ونيف، وكانت منطقة وادي خالد عاشت على وقع ما يتردد من أقاويل وبعض المعلومات عن احتمال قيام كتائب الأسد و شبيحته بعملية عسكرية بحق النازحين واللاجئين السوريين، الأمر الذي ترك أبلغ الأثر في نفوس المواطنين خصوصا من جراء استقدام دبابات ونشرها في محيط منطقة وادي خالد خلال الأيام القليلة، وفيما أبدى المراقبون شكوكهم من احتمالات القيام بضربة قوية نظراً للطبيعة الجغرافية للمنطقة ووعورتها في بعض الأماكن، لم تستبعد احتمال_ وهو يبقى احتمالاً_ القيام بعملية موضعية سريعة وخاطفة هدفها ترهيبي أولاً، أما الهدف الثاني فهو اعلامي ويحمل طابع الرسائل إلى الخارج.
وفي الشأن نفسه، أوردت صحيفة النهار اللبنانية(11/2/2012)، حديثا للسفير الروسي "الكسندر زاسبكين" في توضيح لتحرك الخارجية الروسية وخلفياته، قال فيه أن بلاده نقلت رسالة متكاملة الى النظام السوري ركزت على "خطورة الوضع والإسراع في الخطوات الإصلاحية وتأكيد الجهوزية للحوار دون شروط مسبقة والموافقة على عمل المراقبين العرب"، كاشفاً ان رد الرئيس السوري بشار الاسد كان ايجابياً وأعطى فرصة للحديث مع الأطراف الآخرين، الأوروبيين والأتراك وجامعة الدول العربية. وإذ جدد التذكير باقتراح موسكو مكانا للحوار، حذر من ان بلاده ترى في ما يحصل في سوريا مثالا لما يمكن ان يحصل في اماكن اخرى"، مكررا دعوته المجتمع الدولي الى "تأكيد سلمية البرنامج النووي الايراني وليس الشروع في مغامرات عسكرية". واستبعد البحث "علنا ام ضمنا" في تنحية الاسد، لافتا الى ان تواصل العنف "سيؤدي الى الفتنة وحرب اهلية".
وقالت صحيفة الشرق الأوسط(11/2/2012)، أنه في وقت تتحول فيه مدينة حمص السورية إلى مدينة أشباح، وتتم استباحة حلب ومدن أخرى على أيدي قوات نظام بشار الأسد، طالبت المعارضة السورية في ألمانيا بغلق السفارة السورية ببرلين، وطرد السفير السوري، ووقف الترحيل القسري للاجئين السوريين من ألمانيا. وطالب حسان إبراهيم، عضو السكرتارية العامة للمجلس الوطني السوري، بإلغاء الاعتراف بالحكومة السورية من قبل حكومة المستشارة أنجيلا ميركل، والاعتراف بالمجلس الوطني السوري كـ«ممثل شرعي ووحيد للشعب السوري». وقال إبراهيم، في مؤتمر عقدته المعارضة السورية ببرلين يوم أمس الجمعة، إنه يطالب المجتمع الدولي بالاعتراف بالمعارضة السورية والتعامل معها.
وعبرت صحيفة الوطن السعودية (11/2/2012) عن رأيها قائلة، أن كلمة خادم الحرمين الشريفين أمس خلال استقباله لضيوف مهرجان الجنادرية في قصره بالرياض التي أشار فيها إلى أن ثقة العالم اهتزت في الأمم المتحدة، وأنه لا يصلح أن تحكم عدة دول العالم، هو تصريح يأتي في وقت يحتاج فيه العالم فعلا لإعادة إطلاق الدعوات بخصوص واحدة من أهم القضايا العالمية وهي قضية إصلاح منظومة الأمم المتحدة، فسورية أظهرت مجددا ـ كما أظهرت عدة قضايا من قبلها ـ مدى عجز مجلس الأمن عن التعامل مع هذه الأحداث المهمة، وكيف عجز المجلس عن القيام بالدور الوحيد المنوط به، وهو حفظ الأمن والسلام العالميين.
مجلس الأمن ومن خلال حق النقض (الفيتو) الذي تتمتع به خمس دول جعل الأمم المتحدة وسياساتها رهينة تجاذبات ومحاصصات هذه الدول تجاه الأحداث المختلفة، وهي غالبا تجاذبات تعتمد على المصالح الذاتية لهذه الدول، تماما كما تفعل الولايات المتحدة مع إسرائيل وكما فعلت روسيا والصين اليوم مع سورية، وهذا الفيتو الذي يشكل حماية لهذه النظم أصبح بمثابة رخصة للقتل، كما نشهد ونرى من صور دامية للوضع في سورية، وخاصة حمص التي تستغيث ويقتل فيها الأطفال والنساء والشيوخ.
ورأت صحيفة الوطن القطرية(11/2/2012)، أن الأزمة السورية دخلت منعطفاً مخيفاً، يتطلب بالضرورة هبة شجاعة من أنصار الحياة والكرامة في العالم، لاستنقاذ السوريين من النيران الثقيلة، والموت مع كل يوم جديد، إرادة العالم، في حماية المدنيين في سوريا، لن يفت من عضدها الفيتو المزدوج، العالم لن يترك السوريين لوحدهم، ولن يترك لنظام تجاوزته إرادة شعبه، أن يوغل أكثر. وأكثر في الفظاعات والجنون، ويستمد شرعيته من الدم.

قرار سريع للجيش اللبناني بالحسم قبل الفلتان

في انعكاس للأزمة السورية على الداخل اللبناني دارت اشتباكات بعد ظهر الجمعة بين منطقة باب التبانة السنية وجبل محسن العلوي، وسُمع اطلاق نار ناتج عن اطلاق 3 قنابل بين المنطقتين في حين سُجّلت رشقات نارية متقطعة، وعمل الجيش اللبناني سريعاً على ضبط الوضع، لكنه عاد وتفجّر مرة جديدة وأسفر عن سقوط 3 جرحى مدنيين وجريحين عسكريين.
وكان سُمع دوي انفجار صغير في محلة التبانة في محيط شارع سورية يرجح انه ناتج عن قنبلة يدوية او قذيفة 'اينرغا' أطلقت بالتزامن مع انطلاق تظاهرة متضامنة مع الشعب السوري. كما سُمع دوي انفجار آخر ما بين حارة السيدة وسوق القمح في التبانة في طرابلس.
وفي ضوء هذا التطور الامني، اتّصل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الموجود في فرنسا بقائد الجيش العماد جان قهوجي وطلب منه اتّخاذ التدابير اللازمة لوقف هذه الحوادث واعادة الهدوء الى المدينة. وقد عمدت وحدات الجيش الى الانتشار بين المنطقتين وطلبت من الطرفين سحب السلاح. كذلك، دعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان القوى العسكرية والامنية الموجودة على الارض في منطقة طرابلس الى الحزم في قمع المخلين بالأمن والسلم الاهلي، خصوصاً في الشمال وتحديداً بين جبل محسن وباب التبانة. وشدد سليمان على ضرورة ان يمتثل الاهالي هناك لتعليمات الجيش والقوى الامنية بما يؤمن سلامة الجميع ويحفظ الامن والاستقرار والوحدة الوطنية.
ومن جهته، أصدر وزير الداخلية والبلديات العميد مروان شربل امراً الى القوى الامنية بإزالة كل الشعارات المرفوعة في المناطق اللبنانية كافة والتي من شأنها اثارة الغرائز الطائفية والمذهبية طالباً من الجهات الامنية الوعي والسهر وقطع الطريق على مثيري الفتنة.
وتأتي خطوة وزير الداخلية بعد رفع صور للرئيس بشار الاسد كتب عليها 'السفّاح'. وبحسب معلومات 'القدس العربي' فإن المسؤولين اللبنانيين وبعد التشاور قرروا تدخّل الجيش فوراً لوقف الاشتباكات والسيطرة على الوضع في منطقة طرابلس لأن أي تباطؤ في حسم الوضع يهدّد بفلتان الامر وانتقال التوتر الى مناطق لبنانية أخرى بين مؤيدين للنظام السوري ومناوئين له، ما يفقد الجيش القدرة على السيطرة.
وعلى الحدود الشمالية قبالة وادي خالد استمر الانتشار العسكري السوري، وقابله انتشار للجيش اللبناني في القرى الحدودية في وادي خالد وجبل اكروم وسط ترحيب كبير من اهالي المنطقة وفاعلياتها. وقد دخلت 6 ملاّلات تابعة للجيش اللبناني الى المنطقة ليل الخميس الجمعة وانتشرت في منطقتي خنسا وحنيدر في وادي خالد، بعد مناشدة طويلة من ابناء المنطقة ونواب عكار في 'تيار المستقبل'.
وفي هذا الاطار، خرج ابناء منطقة وادي خالد والنازحون السوريون بتظاهرة بعد صلاة الجمعة رغم الطقس الماطر، رفعوا خلالها شعارات منددة بالنظام السوري ومؤيدة للشعب، ووعدوا بتكرار هذه التحركات والتظاهرات حتى نصرة الشعب السوري.
وكان قد سجّل الخميس دخول لبعض اللاجئين السوريين الى الداخل اللبناني، ولكن لم يسجّل ذلك الجمعة.
وكما في وادي خالد كذلك في البقاع الاوسط حيث سارت تظاهرات في تعلبايا وسعدنايل وقب الياس نددت 'بالاعمال الوحشية التي يقوم بها النظام السوري.

المجلس الوطني السوري يبحث في الدوحة المسارين السياسي والميداني للازمة

يبحث المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري في الدوحة الجمعة المسارين السياسي والميداني للازمة في سورية وخصوصا انشاء مجموعة اتصال 'بقاطرة عربية' والعودة الى الامم المتحدة.
وقال القيادي في المجلس احمد رمضان لوكالة فرانس برس ان جدول اعمال الاجتماع 'سيبحث الوضع الميداني و ايضا الوضع السياسي'، موضحا ان المسارين المقصودين هما 'مجموعة الاتصال (الفكرة الفرنسية التركية) على ان تتم بقاطرة عربية والتوجه بعد تكوين المجموعة الى الجمعية العامة للأمم المتحدة'.
واضاف ان 'المسار الثاني يتمحور حول البدء في توثيق جرائم النظام (السوري) ونقلها الى المحكمة الجنائية الدولية بالتعاون مع منظمات حقوق الانسان العالمية'.
وحول الوضع الميداني، قال رمضان انه 'سيتم رفع وتيرة الدعم المقدمة من المجلس الوطني لتعزيز القدرة الدفاعية لشباب الثورة وللجيش السوري الحر'.
واكد ان 'اجتماع المكتب التنفيذي سيعمل على ضم مكونات جديدة لتمثيل افضل لكافة قوى الشعب السوري'. ولم تستبعد مصادر قريبة من الاجتماع الذي يبدأ رسميا الجمعة ويستمر حتى السبت ان 'يتم التداول في الافكار التركية التي تتحدث عن مناطق عازلة على الحدود مع سورية'.
ويتألف المكتب التنفيذي للمجلس الوطني السوري المعارض من تسعة اعضاء برئاسة برهان غليون.
وكان رمضان نفى ان يكون على جدول اعمال الاجتماع بند انتخاب رئيس جديد للمجلس.
وكان وفد من المكتب التنفيذي للمجلس التقى الخميس رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.

حماس غادرت سورية 'فعلياً'

ذكرت وكالة أنباء الأناضول الجمعة ان حركة (حماس) غادرت سورية وأنها ستعلن قريباً المكان الجديد لمكتبها السياسي.
ونقلت الوكالة عن مصادر لم تسّمها قولها ان حركة (حماس) غادرت سورية 'فعلياً' حيث تم نقل المكتب السياسي للحركة من هناك.
وقالت المصادر إن الحركة ستعلن قريباً عن المكان الجديد للمكتب السياسي.
وسبق أن ذكرت تقارير ان المكتب السياسي لحركة حماس سينتقل إلى قطر أو تونس.
وقالت الحركة في كانون الثاني (يناير) انه من غير المطروح لديها نقل المكتب السياسي للحركة من دمشق أو إغلاقه، وانه سيتم نقل عائلات القياديين المبعدين من سورية بعد تدهور الوضع الأمني في هذا البلد، وأكد القيادي في الحركة أسامة حمدان ان السلطات السورية لم تطلب من حماس مغادرة دمشق.

الصدع السوري.. عنف مشحون بالكراهية

(يديعوت 10/2/2012): لا نكاد نلاحظ في الكيلومترات المعدودة التي تفصل بين المطار والعاصمة حواجز. وهناك القليل جدا من الشرطة. والنظام، وقد يكون هذا صحيحاً الآن على الأقل، لا يخشى تهديدات لدمشق. واجهزته الامنية قد أوكل اليها ان تتعقب 'الأعداء من الخارج'. مع هبوطي في يوم الثلاثاء ليلاً لاحظت مدينة هادئة كثيراً. يشتكي سائقو سيارات الأجرة عدم وجود سياح وازدياد اعمال العنف في الضواحي، لكن لا يوجد شيء يشبه ما خبرته في ليبيا أو في تونس في السنة الماضية، ففي دمشق يمكن ان تتحرك بلا مشكلة في الثالثة فجراً ايضاً وهو شيء يصادق على ما يقوله قادة الثورة السورية الذين يمكثون في تركيا ومصر: 'نحن نعمل في القرى والضواحي أما المدن الكبيرة فبقيت في يد النظام'.
وافق صحافيون ومحللون محليون على الحديث معي بشرط ألا يُكشف عن أسمائهم. وقالوا لي 'ان 25 مليون سوري منقسمون تماما، فـ 30 في المائة على الأقل أكثرهم شيعة علويون يؤيدون الرئيس ومعهم نصارى كثيرون يخشون ازدياد الاخوان المسلمين قوة. وهناك 30 في المائة آخرون أكثرهم سنيون يؤيدون النضال لتبديل السلطة لكنهم منقسمون. واذا استثنينا هاتين المجموعتين فهناك الكثرة الصامتة التي تنتظر ان تؤيد من ينتصر'.
يزعم منظمو الثورة ان 6.200 سوري قتلوا منذ آذار واعتقل 14 ألفاً. ويزعم النظام ان 'الارهابيين' قتلوا 2000 جندي على الأقل. وترشد السلطات مراسلين اجانب الى عدم التجول وحدهم في الشوارع. 'أنظروا ما حدث لمراسل التلفاز الفرنسي الذي قتله ارهابيون في الاسبوع الماضي'، قال متحدثو النظام. وأثار هذا القول شكوكا عند المخلين بالنظام الذين هم على ثقة بأن القتل تم على أيدي اجهزة الاستخبارات السورية. ان الانترنت يعمل هنا لكن توجد رقابة. ويستعمل النشطاء السكايب والفيس بوك والتويتر استعمالا حذرا. 'ان الحكم الاستبدادي لا يقطع الانترنت لأنه ضروري له من اجل ان يجمع معلومات عن المعارضة'، يقولون لي في مقهى انترنت.

من حمص الى درعا

تنحصر الثورة في سوريا في قصة 18 فتى من مدينة درعا. وهم يقصون قصتهم في جميع أنحاء الدولة. وقد سمعت أمس القصة مرة اخرى في مدينة حمص التي قتل فيها بعد اسبوع بحسب ما تقول منظمات المعارضة والمتمردون، مئات المدنيين ونشرت صور فظيعة من المذبحة في العالم كله.
'بدأ التجنيد الجماهيري الاول هنا بين شباط الى آذار من السنة الماضية حينما علم ان 18 طالب ثانوية من مدينة درعا، غير بعيد من الحدود مع الاردن، اعتقلتهم القوات الخاصة للرئيس بشار الاسد بعد ان رشوا على الجدران كتابات تأييد للربيع العربي. وزاد غضبنا حينما جاءت أنباء أنهم عُذبوا وبخاصة ازاء تصريحات عاطف نجيب رئيس قوات الامن وابن خال الاسد الذي قال للعائلات ان تنسى أبناءها، لكنهم اذا أرادوا مع ذلك استعادتهم فليأتوا بالنساء الى الشرطة كي يُحبلهن رجال الشرطة'.
يُحدثني بهذا حسن، وهو طالب جامعي التقيت به قرب ميدان الساعة، وهو المكان الذي أُعدم فيه مئات من المتظاهرين في نيسان. وسكان حمص معنيون بالحديث بخلاف ما حدث هنا الى ما قبل سنة. بل ان آلاف القتلى في مدينة حماة في 1982 ما عادوا أمرا محظورا لا يتم الحديث عنه. فقد كان يكفي ذات مرة ان تهمس باسم 'حماة' كي يعتقلوك أو ربما يُخفونك الى الأبد، حتى ان يوسف، وهو طبيب آشوري يؤيد الاسد تقع عيادته في حي الحميدية في حمص، قال أمس: 'مات في حماة أكثر من 20 ألف سني أو ربما 30 ألفا من أعداء النظام. ماذا يعني؟ يجب ان تدافع الدولة عن نفسها من اولئك الذين يحاولون المس بها وفرض الاسلام المتطرف'.
طلبت جنى مقدسي، وهي في الثامنة والثلاثين ومدرسة للغة الانكليزية في الثانوية المحلية، طلبت بعينين دامعتين الى صحافيين اجانب 'ان يكفوا عن التحدث بالسوء عن الرئيس الانسان الذي يمثل أمننا الوحيد في مواجهة القاعدة'. ووقف الى جوارها صاحب حانوت منتوجات كهربائية من أهل السنة وعبر عن أمل ان يسقط حكم الاستبداد قريبا، لكنه أضاف حينما سمع رصاص الرشاشات في منطقة مجاورة: 'يجب ان يبقى الاحتجاج سلميا. فالعنف من قبل المنشقين عن الجيش الذين يلطخون الآن أسماء الذين ينادون بالحرية يضر فقط بالحركة الديمقراطية'.
ان زيارة مراكز المواجهة تكشف عن دولة ممزقة خائفة. ان حمص مدينة تغلق أبوابها في الظهيرة: ففي الثانية ظهراً يدخل الناس ببساطة الى بيوتهم. وقطع تيار الكهرباء جزء من الحياة اليومية. وجرى على الأحياء المختلطة تطهير عرقي. والعنف في درعا أمر يومي يكون دائما تقريبا قُبيل حلول الظلام. وفي ظهيرة ايام الجمعة تُجرى مظاهرات مع خروج المصلين من المساجد. وقد قاد المظاهرات الاولى في آذار الشيخ ذو الشعبية الصياصنة. 'انه زعيمنا التاريخي'، يقول شابان في العشرينيات من أعمارهما، 'لكن الشرطة قتلت ابنه واعتقلته مدة ستة اشهر. وحينما تم الافراج عنه هددوه بأن يقتلوا ابنه الثاني ايضا. وقد وافق الشيخ على ان يذيع للتلفاز تصريح تأييد للأسد وصمت منذ ذلك الحين، بل انه لا يأتي لصلوات يوم الجمعة'.
ان الغضب على النظام كبير هنا. 'يجب عليكم أنتم الصحافيين ألا تصدقوا أكاذيب الحكم الاستبدادي الفاشي الفاسد'، يقول لي شيخ محلي صاحب حانوت لمولدات الكهرباء. 'ان رجال السلطة يقتلوننا ويعذبوننا كل يوم. وقد قضت خطواتهم على كل امكانية لحل الازمة بالتحادث. لو وافقنا نحن الأحياء على محادثة الاسد ومواليه فسيخرج أمواتنا من قبورهم ليتوسلوا الينا ألا نفاوض قتلتهم. أُصيب ابن عمي برجليه وحُمل في سيارة وبعد ثلاث ساعات أصبح جثة نكلوا بها مع عضو جنسي منتفخ نازف. وفي النهاية رموه في مزبلة'. ان المحافظ محمد خالد الذي عينه النظام بعد ان نفذ سلفه في نيسان مذبحة بدم بارد في أكثر من 160 متظاهرا يطلق تصريحات نارية نحو المتمردين: 'هؤلاء ارهابيون تدفع اليهم الولايات المتحدة واسرائيل. وهم يريدون الشر لسوريا لكننا سنخضعهم. وقد قضي عليهم الآن بالفعل'.
ان مقولته تناقض ما قالوه لي قبل ذلك بثلاثة ايام في الزبداني وهي مدينة عدد سكانها 35 ألفا كلها أو أكثرها من السنيين على مبعدة 30 كم شمالي دمشق: فالمتمردون هناك يزعمون انهم أخضعوا قوات النظام. والخوف الكبير هو من ان تدعو دمشق العصابات المسلحة الشيعية لحزب الله من لبنان كي تقوي الجيش السوري. 'لسنا ارهابيين، نريد الحرية والديمقراطية. قولوا للعالم إننا لسنا ارهابيين'، يصرخ شبان يلوحون بأعلام. ولا يوهم هؤلاء الشباب الذين يمسك فريق منهم بسلاح (اشتروا بنادق كلاشينكوف في السوق السوداء بألفي دولار لكل بندقية)، لا يوهمون أنفسهم: 'في القريب سينظم الجيش نفسه من جديد ويسيطر على مدينتنا. والموت مؤكد بالنسبة الينا'.
وفي مدينة دوما المجاورة لدمشق يزعم المتمردون ان المكان حُرر من قوات السلطة، لكن هذا غير صحيح في واقع الامر. فالجنود يسيطرون على مركز المدينة ويقومون قرب البلدية وفي المستشفى وفي منطقة المقبرة. 'انهم لا يسمحون لنا حتى بدفن أعزاءنا'، يقول السكان في تنهد.
تدعوني عائلة من العائلات الى الشاي والكعك. نوافذ الشقة مغلقة والبيت مضاء بالشمع. ويستمر اطلاق النار طول الوقت ونسمعه في الخلف طول الوقت مثل بكاء الطفل في الطبقة الى أعلى.
تم التنديد بالأب باولو ديل أوليو في السنة الماضية من قبل رؤساء الكنيسة المحلية على أثر انتقاد صدر عنه لقمع المظاهرات العنيف على أيدي قوات شرطة الاسد. ومن اجل لقائه صعدت الى مركز عزلته في شقوق صخور مار موسى.
كان الأب الذي ولد في روما في 1954 وعاش في سوريا أكثر من ثلاثين سنة كان غاضبا لقتل رجل دين نصراني ارثوذكسي وقع قبل ذلك بيوم في ضاحية مدينة حماة وقال: 'هذه حادثة خطيرة وعنف مشحون بالكراهية على رجل دين. يجب ان يكون هذا اشارة تحذير للمجتمع الدولي'.
عند الأب ديل أوليو انتقاد شديد على القلة النصرانية في سوريا. 'هؤلاء الناس يحكمهم الخوف'، يقول. 'انهم مستعدون لإغماض عيونهم عن الفظائع التي نفذها رجال الجيش بوحشية بشرط ألا يخسروا مكانتهم المفضلة وحقوقهم المحفوظة لهم عند السلطة العلوية الشيعية. انهم يفهمون جيدا ان معنى الديمقراطية هو فوز الاسلام السني وهم يخافون هذا كخوفهم من وباء. وفي مقابلة هذا يختار النصارى الحداثة حتى لو لم تكن ديمقراطية كي لا يلزم أحد النساء ان يتحجبن'.
انه يعيش منذ بضعة اشهر وحده في دير يبعد نحوا من 100 كم عن دمشق. 'أصدروا أمرا بطردي من سوريا'، يقول، 'لكنهم أجازوا لي في النهاية البقاء في الدولة بشرط أن اعيش هنا بعيدا عن المركز. ولم تكن الكنيسة المحلية معنية بأن أبقى. لم يكونوا في الماضي راضين عن الانتقاد الذي وجهته على ظواهر مختلفة كاللواط واغتصاب الصغار بين ناس الرهبانية الكبار. وأصبح انتقادي الموجه على النظام سلاحا ممتازا للتخلص مني لكن رد اصدقائي في سوريا وخارجها أنقذني. فوافق النظام على منحي عفوا فأُبيح لي البقاء مقابل العيش في السر، لكن يصعب جعلي أسكت تماما'.
حينما نتبين الانتقاد على الأب من قبل الرهبان ندرك عمق الحلف الذي عُقد بين نظام الاسد والقلة النصرانية. 'هناك اشاعة أنه جاسوس امريكي فقد وجدوا عنده وسائل للرؤية الليلية'، يزعم رجل الدين جبرائيل داود في كنيسة سان جورج في وسط المدينة القديمة في دمشق. لكن بعد ان نلقى الأب لا يمكن سوى التبسم ازاء هذا الزعم. اذا كان بقي لديه شيء من أثر ماضيه في صفوف اليسار المتطرف في ايطاليا فانه يعبر عنه بتوجه معاد لأمريكا متطرف وهذا لا يقنع منتقديه. 'ان الأب باولو يعيش في يوتوبيا'، يزعم الكاهن عبود. 'انه لا يفهم ان معارضي الرئيس الاسد استأجرتهم أوامر من العربية السعودية. أيطلبون اصلاحات؟ لقد وعدت بها حكومتنا. وهي تعد بدستور جديد وانتخابات حرة في شهر حزيران بحيث ان مطالب المعارضين قد تم تلبيتها'.
ان المتحف المصور في مركز قرية القرداحة يشبه تذكارا لموت مأساوي وهو في الوقت نفسه حنين الى ماض أسعد. فالرخام الاسود الابيض يجلوه كل يوم حراس محليون. والقبب المستديرة تذكر بالمساجد الايرانية. ويوجد في المركز قبر حافظ الاسد والد الأمة، بطريرك سوريا الحديثة، السياسي الذي حظي بالمجد بفضل قدرته على احلال القوة محل الضعف حتى لقد فرض على الأكثرية السنية (أكثر من 70 في المائة من السكان) حكومة قلة علوية (ليست أكثر من 12 في المائة).
ودُفن الى جانب الرئيس ابناه اللذان ماتا صغيرين مجد الذي مات بمرض قبل سنتين، وباسل الذي قتل بحادث سير في 1994. وقد عُلقت في الجدران الخارجية صور الرئيس الحالي بشار الاسد، لكننا نرى هناك في الأساس صورا للأب حافظ يحتضن باسل الذي يرتدي البزة العسكرية، وقد غُطي صدره بالأوسمة والميداليات وقد سفعت الشمس وجهه وابتسامته واسعة. كان باسل الابن المفضل عند حافظ وكان يفترض ان يرث عنه مقعد الرئاسة. ويتحدثون في دمشق الى اليوم عن أن فقدان الولد الحبيب أصاب الأب بكآبة عميقة.
كان تعيين بشار مصالحة. فالابن الآخر ماهر، وهو لواء في الجيش، يعتبر متشددا كثيرا لكن كثيرين في سوريا كانوا يفضلون ان يكون رئيسا اليوم. وتمكث أرملة حافظ الأسد أنيسة اوقاتا طويلة في البيت العائلي الكبير في قرية القرداحة ويبدو انها ما تزال تؤدي دورا مهما في القبيلة. والتقديرات أنها ما زالت تفضل بشار على ماهر. وحينما يأتي الأبناء لزيارتها ترتدي القرية كلها لباس العيد.
جئت الى القرية حينما كانت الاضطرابات قد أصبحت حربا أهلية عنيفة. وأعلنت الجامعة العربية أنها تدعو مراقبيها الى مغادرة سوريا. حتى الاسبوع الماضي وقف عدد المراقبين على 165، وآنذاك استقر رأي دول الخليج على اعادة ممثليها فتضاءل العدد الى 111. 'في ضوء الوضع الصعب في الدولة والعنف الطاغي استقر الرأي على وقف عمل المراقبين'، كما جاء في بلاغ. وقد زعم قادة الثورة في سوريا وخارجها ان المبادرة كانت ترمي الى التمكين من استمرار اعمال النظام الوحشية.
قبل يومين في بلدة الرستن قرب العاصمة نجحت في ان أرى بأم عيني عدم جدوى المراقبين. فقد اكتفى سبعة منهم انتقلوا بسيارتي مرسيدس سوداوين لأجهزة الامن بالإصغاء الى شهادات رجال النظام. وفي حاجز عسكري عرضوا علينا جثتين يعلوهما الغبار وزعم الجنود قائلين: 'رماهما الارهابيون من سيارة مسرعة'. وسألت محمد الدابي المراقب السوداني في المنطقة: 'لماذا لا تمضون للحديث مع المتظاهرين؟'. فأجاب: 'لأنهم يصدرون الكثير من الضجيج. كلهم يصرخون معا وهم ليسوا منظمين، فاستقر رأينا على ان لا نصغي اليهم بعد'.
بعد ذلك بقليل رأيت ثلاثة جنود مرؤوسين لنقيب، يضعون سبع قنابل يدوية ورشاشين قديمين في صندوق سيارة بيجو قرب المستشفى العسكري. وكان على الصندوق الذي وضعت فيه القنابل اليدوية كتابة بالعبرية. 'هذا هو الدليل على ان اسرائيل تحرض وتشجع الثورة'، صاح الجنود نحو المراقبين. 'هذه سيارة عملائكم التي ضبطناها'.
يصور المراقبون السيارة ويهزون رؤوسهم. وفي الاثناء لا ينقطع العنف فالجيش يعاود الهجوم. وبحسب ما يقول قادة الاضطرابات زادت موجة الضحايا زيادة كبيرة جدا في الايام الاخيرة وتقف على مئات القتلى من بين المتظاهرين. ويزعم النظام ان 'الارهابيين' ينظمون الآن في عصابات مسلحة. ويتم استعمال المدافع في منطقة دمشق ايضا. وتتركز المواجهات الآن في مدن حماة وحمص وإدلب. ويُبين العلويون في القرداحة هذا بكلمة 'مؤامرة'. وهم غير مستعدين للاستماع عن الاقتصاد السوري المتهاوي ولا عن التنديد الدولي بمظاهر العنف. 'كل ذلك مؤامرة تقودها الولايات المتحدة واسرائيل والعربية السعودية'، يزعمون. ان كل اجنبي يصل يشتبه فيه انه عميل سري وجاسوس. لا يُمكّنونني من زيارة المسجد المحلي المخصص لناعسة أم حافظ الاسد. وعُلقت على جدران مسجد آخر في منطقة السوق اعلانات حداد على سكان القرية الذين قتلوا اثناء الاضطرابات والذين بلغوا 200 شخص في الحاصل العام. 'النقيب اسامة محمد احمد، في الثانية والثلاثين، قتل في إدلب'، جاء في اعلان من الاعلانات. 'علي مروان احمد، في الخامسة والعشرين، قتل في حمص'، جاء في اعلان آخر.
وحينما طلبت ان أتحدث الى واحد من السكان طلب ان أعرض عليه جواز سفري كي يتحقق من أنني لست جاسوسا. وفي مرات كثيرة يستدعي السكان الشرطة محذرين من أنه 'يوجد هنا اجنبي مريب'. في الخروج الى الشارع الرئيس لا توجد حركة تقريبا. فالجنود في مواقعهم لا يتزحزحون ولا يكادون يخرجون لإجراء تفتيش. أخرج من المدينة باتجاه دمشق وتغيب قبة متحف أبناء عائلة الاسد في الضباب.
تبدو الحرب على دمشق في الأساس كصراع مأساوي على سلاح لم يُقسم تقسيما متساويا بين الطرفين. فالجيش السوري يحافظ بعنف مفرط على تفوقه العسكري واللوجستي. وقوات المعارضة وهي مفرقة وغير منظمة ولا تنسيق بينها في المستوى الوطني تهاجم وتتفرق بحسب الظروف.
في الصباح في سفر من مركز دمشق الى المطار الدولي، لاحظت آثار التجنيد الجديد الذي استعمل في الايام الاخيرة. فقد زاد عدد الحواجز ونرى في الشوارع صفوف جنود يتحركون. وقد لقيت عند واحدة من اشارات المرور سيارتين محملتين بعاملين في جهاز الامن بلباس مدني؛ وقد لوحوا ببنادقهم ثم زادوا السرعة وطلبوا الى السيارات التي مرت قريبا منهم ان تخلي لهم الطريق. ورأيتهم في مرحلة ما يُقلون رجلين شابين مقيدين وأعينهما مغطاة ووجهاهما ولباسهما ملطخان بالدم. وبدا أحدهما فاقدا الوعي واهتز رأسه من جهة الى اخرى في كل مرة زادت فيها السيارة سرعتها وكان فمه فاغرا.
تعمل اليوم في سوريا آلتا دعاية رئيستان آلة المتمردين من جهة وآلة نظام استبداد الرئيس بشار الاسد من جهة ثانية وتجري بينهما حرب قوية على تحديد عدد الضحايا. ولهذا يمكن ان نشاهد ونتأثر بأفلام الفيديو القصيرة التي توثق الأحداث وتعرض في الانترنت، لكن ينبغي ألا نسارع الى تبني الأرقام.
ان ما يمكن استنتاجه من أحداث الاسبوع الاخير في سوريا هو القدرة السريعة الناجعة للحركة الثورية على اطلاق المواد التي تملكها ونشرها في الشبكة بصورة تعرض وحشية نظام الاستبداد السوري. والرئيس الاسد من جهته لم يأمر بقطع شبكة الهاتف محاولا ان يحافظ على نوع ما من الحياة الطبيعية في دولته. وما يزال الانترنت يعمل في مدن كثيرة، وعلى كل حال ينجح النشطاء في ان ينقلوا سريعا المواد الى الحدود مع تركيا أو لبنان للاهتمام من هناك بنشرها. كان فقدان النظام السيطرة في الصراع الدعائي هو الخطوة الاولى في الطريق الى عزلته الدولية وبعد التصويت في الاسبوع الماضي في مجلس الامن واستعمال النقض الصيني الروسي أصبح السوريون يدركون ان التدخل العسكري ليس قريبا. ان نظام الاسد قد يهتز زمنا طويلا بعد وسيظل دم سوري كثير يُسفك في الشوارع.


https://islamicsham.org