التقرير الاستراتيجي ( 7 ) الميزان العسكري 1-5 فبراير/شباط 2012
الكاتب : المكتب السياسي - هيئة الشام الإسلامية
السبت 4 فبراير 2012 م
عدد الزيارات : 22489

 

تقرير أسبوعي تعدّه وحدة الرّصد بالمكتب السياسي في هيئة الشام الإسلامية، يتضمن معلومات مفصلة عن التطورات العسكرية والمواقف الدولية من الأحداث الجارية في سوريا، ويعتمد على تقارير عسكرية غربية، ودراسات مراكز الفكر، وغيرها من المواد التي لا تنشر في وسائل الإعلام.

 

التصعيد العسكري في المنطقة

تحدثت مصادر مطلعة أن بشار هدد في جلسة خاصة مع مستشاريه يوم الثلاثاء 31 يناير 2012؛ بإشعال نزاعات داخلية في البلاد العربية المناوءة له إذا أُقرت خطة الجامعة العربية في مجلس الأمن، وبناء على تلك التهديدات فقد أكدت المصادر أن رؤساء الأجهزة الأمنية، والاستخبارات الخارجية قد أعطوا أوامر بالاستعداد لتنفيذ عمليات في الخارج، وبأنهم ينتظرون الإشارة من القصر الجمهوري للشروع في ذلك.
وتزامنت تلك الإجراءات مع تصريحات نقلت عن قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال قاسم سليماني بوضع فروع حزب الله في الخليج العربي والعراق على أهبة الاستعداد للبدء، وذلك في إشارة واضحة لرغبة إيران في توتير الأجواء الإقليمية لصرف النظر عن تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا وتخفيف الضغط الدبلوماسي عليها.
وعلى إثر تلك التسريبات أمر الأدميرال الروسي كوتزنتسوف بوضع حاملة طائراته والقطع البحرية الروسية المرافقة لها على أهبة الاستعداد، وحذر فيه نائب وزير الخارجية الروسي جينادي جاتيلوف من: "احتمال اندلاع حرب أهلية في حال إقرار الخطة العربية بمجلس الأمن".
وكرد فعل على ذلك التصعيد؛ أمرت قيادة الأسطول الأمريكي السادس في البحر المتوسط الغواصة النووية "أنابوليس" بعبور قناة السويس بصحبة حاملة الصواريخ "مومسن"، لاستعراض جهوزيتها على الرد في حال تدهورت الأوضاع في منطقة شرقي السويس.
وعلى الصعيد نفسه أكدت صحيفة الإندبندنت (1/2/2012) ما انفرد التقرير الاستراتيجي السادس لهيئة الشام الإسلامية بذكره قبل أسبوعين أن إسرائيل أعدت وحدة خاصة لتنفيذ مهام في عمق الأراضي السورية، وذلك على خلفية إجماع الدوائر الأمنية الإسرائيلية على أن القيام بعمليات عسكرية يجب أن يكون مطروحاً خلال الأسابيع القادمة، وأضافت الصحيفة أن الهدف من إعداد "فيلق الأعماق" هو تنسيق "عمليات تغلغل" في الدول المجاورة في حال تدهورت الأوضاع بها وتعرض أمن إسرائيل للخطر، وفي الشأن نفسه ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز (1/2/2012) أن الأمر بتأسيس الوحدة التي يرأسها الجنرال "شاي أفيتاي" وهو قائد سابق لفرقة استطلاع خاصة قد صدر من قائد قوات الدفاع الإسرائيلية، وأوردت الصحيفة قول مسؤولين عسكريين أن تأسيس هذه الوحدة غير موجه ضد إيران فحسب، بل هناك حاجة لتنفيذ مهام خاصة في دول مجاورة في حال وقوع أسلحة صاروخية بيد مجموعات مسلحة مما يمكن أن يعرض أمن إسرائيل للخطر.
وأعربت هذه المصادر عن قلقها من تسريبات وردت على لسان بشار الأسد لدى لقائه مع وزير الخارجية التركي في 9 أغسطس الماضي من استعداده لتوجيه ضربات صاروخية لدول مجاورة في غضون الساعات الست الأولى من استهداف نظامه، وأكدت المصادر أن هذه التصريحات تتوافق مع تحذيرات رامي مخلوف في العاشر من مايو الماضي عندما قال: "إذا تعرض استقرار سوريا للخطر فلن يكون هناك استقرار في إسرائيل، لا يعلم أحد ما الذي سيحصل بعد ذلك. ليكن الله في عوننا إذا سقط النظام"، مشيراً إلى إمكانية وقوع صراعات إقليمية يمكن أن تهدد أمن تل أبيب في الوقت الذي كان يحرص فيه النظام السوري على عدم وقوع أي تدهور أمني في المناطق الحدودية مع إسرائيل.

ما الذي حدث في دمشق؟

وفقاً لمصادر أمنية فإن بشار قد أمر بسحب جميع قطعات الحرس الجمهوري والفرقة المدرعة الرابعة من أماكن المواجهات مع الجيش الحر شمال سوريا وفي ريف دمشق يوم 30 يناير وإعادة نشرهم في مواقع قتالية بأماكن متفرقة من العاصمة دمشق للمرة الأولى منذ اندلاع الأحداث قبل عشرة أشهر.
وجاء هذا الإجراء على خلف إخبارية بالغة السرية جاءته من الخارج، تفيد أن بعض القوى الغربية قد أقنعت أحد كبار قادته العسكريين بانتهاز فرصة غياب القوة الضاربة للحرس الجمهورية والفرقة المدرعة الرابعة في مواجهات خارج العاصمة للانقضاض على القصر الجمهوري بالفرقة المدرعة التابعة له.
وأكدت المصادر أن الضابط المذكور كان يخطط لاستغلال فرصة الفراغ العسكري في العاصمة، ونشر فرقته التي تتكون من ثلاثمائة دبابة لفرض سيطرته على دمشق، ولم يكن ذلك الضابط يعمل بمفرده بل كانت هناك مجموعة من القادة الذين حددوا موعد الانقلاب بصورة مبدأيه يوم الإثنين 30 يناير الماضي، لكن المصدر الاستخباراتي الخارجي لم يتمكن من تحديد اسم ذلك الضابط الذي وافق على القيام بالعملية الانقلابية "بالتفاهم مع الغرب".
وبناء على تلك الإخبارية؛ فقد بادر القصر الرئاسي بإعادة الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري إلى دمشق، كما وردت أوامر بوضع الفرق المدرعة الأولى والثالثة والتاسعة بالقرب من دمشق على أهبة الاستعداد تحسباً لأي طارئ، وبدأت على الفور عمليات دهم وتفتيش وقتل أعداد من الجنود المنشقين والمشتبه في ولائهم في دمشق وريفها، مما دفع بجنود الجيش الحر للانسحاب التكتيكي أو "الذوبان" بين المدنيين ريثما تهدأ الأمور.
وقد ربطت بعض المصادر تلك الأحداث بخروج مناطق في ريف دمشق عن سيطرة الجيش النظامي، وعن إحباط محاولة هروب عوائل مسؤولين كبار عبر مطار دمشق، إلا أنه تم التعتيم على تلك الأنباء بصورة كاملة، ويعتقد النظام أن الجنود المنشقين في ريف دمشق يتلقون دعماً وتوجيهاً من ضباط أمن لم يعلنوا انشقاقهم بعد، وتم التدليل على ذلك بانتشار ظاهرة "المناطق المحررة" التي شملت الزبداني وريف دمشق ومناطق في حمص، مع أخبار مؤكدة بتلقي عناصر الجيش الحر معلومات دقيقة حول تحركات قوات النظام.
وعلى إثر هذه التطورات قال أندرو تابلر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى في الأول من فبراير أن الجيش الحر: "يزداد قوة ويتحرك إلى جزء أقوى في المعارضة، ويشكل قوة حقيقية على الأرض".
وكان إعلاميون غربيون قد زاروا فرقة من الجيش الحر عبر الحدود مع لبنان، حيث بسط المنشقون سيطرتهم على جيب جبلي استراتيجي خلال الأسبوع الماضي، وعزت المصادر تدهور وضع الجيش النظامي وفقدانه العديد من مدرعاته في المناطق الشمالية وخاصة في حماة وحلب إلى انسحاب قوات النخبة وإعادة تموضعهم في دمشق.
وأكد مراسل غربي أن انتشار الدبابات المحترقة والمدرعات التي استولى عليها الجيش الحر في ما يسمى: "المناطق المحررة"، يظهر عجز النظام عن شن عمليات عسكرية في تلك المناطق مع حاجته لإعادة تموضع قواته الخاصة في العاصمة ومحيطها، مشيراً إلى أن معنويات المنشقين عالية، فقد عرض عليه أحد القادة الميدانيين لقطة فيديو لدبابة استولى عليها الجيش الحر وهي تشق طريقها بين أكوام من القمامة في مناطق سكنية بحمص، وعلق على المشهد وهو يضحك بصوت مرتفع: "انظر إليه كيف يركن الدبابة في حي سكني وكأنها سيارة تكسي".
وأكد دبلوماسي تركي لم يذكر اسمه وجود توجهات لتصعيد الأوضاع الأمنية في دمشق بقوله: "ساد الاعتقاد لدينا أن بقاء النظام السوري آمناً في دمشق سيطيل عمره لسنوات، لكن الأمر تغير، وربما تشير الأحداث الأخيرة إلى بدء العد العكسي".

الدعم العسكري الإيراني

في الوقت الذي تركز فيه الصحافة العالمية على ظاهرة الانشقاقات العسكرية؛ إلا أن المشكلة الأكبر للنظام تكمن في عدم التحاق عدد كبير من الجنود بفرقهم، وفرارهم من الخدمة خوفاً على حياتهم من جهة، ورغبة في تجنب محاربة الجنود المنشقين أو مواجهة المدنيين من جهة أخرى.
كما يواجه القصر الجمهوري مشكلة أخرى تتمثل في عجزه عن الاستمرار في صرف مبالغ طائلة على عصابات "الشبيحة" لمواجهة المتظاهرين، حيث تضاعفت نفقات وزارة الدفاع خلال الأشهر العشرة الماضية، وتم اللجوء إلى مخصصات الوزارات الأخرى لتغطية العجز.
وعلى إثر فشل تلك الإجراءات التقشفية لجأ رئيس الوزراء عادل سفر إلى إلغاء جميع المشاريع الحكومية خلال العام 2012، وتؤكد المصادر أن الميزانية المخصصة لوزارة الصحة قد استهلكت بالكامل من قبل وزارة الدفاع.
وفي مقابل تضاعف الإنفاق على العمليات العسكرية؛ تعاني الحكومة نقصاً في الموارد بسبب عجزها عن تحصيل أية أموال عن الفواتير والضرائب والإيرادات الحكومية الأخرى في محافظات حمص وحماة وريف دمشق وحوران.
وعلى إثر تدهور الأوضاع المالية؛ ونقص جنود النخبة الذين يمكن الوثوق بهم من قبل النظام؛ فقد هرعت طهران لمد يد العون، حيث نقلت صحيفة "تايمز" عن المسؤول بوزارة الدفاع محمد الحاج حمد أن طهران قد أمدت النظام بمبالغ نقدية من الدولارات لتجنيد المزيد من عصابات الشبيحة، كما تحدث حمد عن إمداد طهران نظام دمشق بمجموعة من القناصة نظراً لقلة عدد الخبراء السوريين في هذا المجال الذي أثبت فعالية في مواجهة الاحتجاجات الشعبية.
وكانت وكالات الأنباء قد نقلت عن أحد قادة الحرس الثوري الإيراني تأكيده أن قوات من "حزب الله" قد شاركت في معارك ضد قوات الجيش الحر في الزبداني، وأكدت مصادر مطلعة أن الفرق القادمة من إيران ولبنان تقطن في مجمعات أعدت بالقرب من مبنى الاستخبارات العسكرية في كفر سوسه، ويشرف رستم غزالي على عملية إسكانهم وتوزيعهم في مختلف مناطق القطر السوري.
وتأتي تلك التطورات على خلفية ظهور معلومات جديدة حول تكليف قائد "فيلق القدس" الإيراني الجنرال قاسم سليماني بتولي العمليات في سوريا بعد انسحاب القوات الأمريكية من العراق، وقد استهل سليماني مهمته بزيارة سرية إلى دمشق حيث بدأت تظهر بوادر فقدان النظام سيطرته على الأمور، وتخشى إيران من وقوع مصانع الأسلحة ومخازن الصواريخ السرية التي يقدر عددها بنحو خمسة عشر موقعاً في حلب وحمص في أيدي الثوار، فضلاً عن مخازن صواريخ "سكد" التابعة لـ"حزب الله" الذي دفع بعناصره لمهاجمة الثوار في الزبداني لمنع وقوع إحدى تلك المخازن في حوزتهم.
وتؤكد مصادر مطلعة أن الظهور العلني لسليماني وورود اسمه في مسرح الأحداث بدمشق يؤكد نوايا طهران تنفيذ التهديدات التي أطلقها بشار بإشعال أزمات داخلية في مختلف البلدان العربية المناوءة له، وكان سليماني قد أثبت قدرته على تحريك خلايا استخباراتية في العراق لتنفيذ عمليات اغتيال وتفجيرات انتحارية واسعة النطاق، وتشير المصادر أن مهمة سليماني الجديدة تتلخص في منع سقوط النظام السوري ومساعدته على استعادة نفوذه في المناطق الشرقية والشمالية الشرقية من البلاد.
وعلى إثر تلك التطورات أعلنت كتيبة "الفاروق" في 30 يناير أسر سبع جنود إيرانيين من الحرس الثوري الإيراني في مدينة حمص، ومعهم اثنان من المدنيين، كما أعلنت الكتيبة نفسها يوم الجمعة 3 فبراير عن أسر خمسة عسكريين إيرانيين كانوا يعملون تحت إمرة فرع المخابرات الجوية بحمص، مما يؤكد صحة التقارير المتعلقة بالدعم الإيراني تحت إمرة الجنرال سليماني.
تأتي تلك التطورات في ظل إدارك أجهزة الاستخبارات الغربية والتركية أن احتمالات اندلاع الصراع الإقليمي آخذة في التصاعد، حيث يواجه الجيش السوري الحر فرقاً مدربة من مقاتلي "حزب الله" والحرس الثوري الإيراني، ففي يوم الخميس 2 فبراير 2012 سأل الصحفي "مايكل ويس" قائد كتيبة خالد بن الوليد في مدنية الرستن؛ علاء الشيخ عن صحة مزاعم استهداف الجيش الحر للبنية التحتية في المنطقة، فأجابه علاء: "إننا لا ندمر محطات الكهرباء ومصادر المياه في منطقتنا، بل نستهدف تلك التي تمد مناطق معينة بلبنان، فقد وصلت إخبارية لعناصر حزب الله أن الأسرى الإيرانيين الذين قبضنا عليهم في حمص قد نُقلوا إلى مناطق في الشمال فأطلقوا علينا 21 صاروخ كاتيوش.


https://islamicsham.org