ماذا عن "إعادة الإعمار السياسي"؟
الكاتب : مركز شارك
الجمعة 2 نوفمبر 2018 م
عدد الزيارات : 2243

 

ماذا عن "إعادة الإعمار السياسي"؟


الثورة هدم وبناء...
يمكننا القول إن الثورة السورية نجحت في مرحلة الهدم، إذ تحول بشار الأسد إلى دمية يتلاعب بها داعموه، ولم يعد يملك السيطرة على المناطق التي تخضع لسلطته، وذلك بالتزامن مع انهيار الأمن في المناطق الموالية، وأصبح النظام السوري بعيداً عن مركز القرار الدولي بشأن سوريا.
تحديات عملية البناء
يتردد الحديث في الأروقة المحلية والدولية عن إعادة الإعمار الاقتصادي لسوريا، وعن التكاليف التقديرية لصيانة البنى التحتية وتوفير الخدمات... ويفوت على الكثير أهمية إعادة إعمار المنظومة السياسية لضمان استمرارية ونجاعة عملية الإعمار الاقتصادي.
فالنصر الفعلي للثورة لا يقتصر على إعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات، بل في القدرة على تشكيل منظومة سياسية رشيدة تشكل بديلاً مؤسسياً قادراً على الأخذ بزمام المبادرة الداخلية والتعامل مع القوى الإقليمية والدولية بكفاءة واحتراف.
لكن في ظل اندراس معالم الدولة، وفشل القوى السياسية في التوافق على مشروع سياسي وطني؛ تتصاعد نبرة الاستقطاب الطائفي والإثني وتهيمن الشبكات الراديكالية العابرة للحدود، فيما تتشكل بعض مؤسسات قوى الثورة والمعارضة في قوالب صلبة لا تتمتع بالمرونة، ويتقمص بعضها الآخر نمطاً بنيوياً منفصماً عن الحراك الشعبي والمجتمع، ويتخذ مواقف سياسية تنطلق من ادعاء الوصاية على الثورة عبر تبني مجموعة شعارات تقوم على مفهوم: "التصرف الصحيح" مثل: "المصلحة العامة" و"حماية مؤسسات الدولة"، و"تحقيق الاعتراف الدولي"، و"الإصلاح الدستوري"، لكنها لا تملك على أرض الواقع برنامجاً سياسياً قابلاً للتحقيق.
وهذا يفرض على القوى الفاعلة أن تبادر إلى تبني مشاريع التمكين السياسي، وتحفيز الشباب السوري لحيازة مصادر القوة بمفهومها الشامل، ويمكن تفصيل أهم ملامحها فيما يلي:
مصادر القوة بمفهومها الشامل:
قوة الخطاب (الإعلام): عبر رسم صورة إيجابية بين مختلف فئات المجتمع، من خلال تبني المشاريع الإعلامية ودعمها، وإقامة علاقات تعاون مع المؤسسات الإعلامية الإقليمية والدولية، وتشجيع الكوادر الشابة للمساهمة الإعلامية.
القوة الاقتصادية (تنمية الموارد المالية): من خلال تنظيم قطاعات الإنتاج المحلي والمساعدات غير المشروطة.
القوة الشعبية (الامتداد الشعبي): عبر وضع استراتيجية تعزيز للعلاقات المجتمعية في المناطق الآمنة، والوصول إلى المناطق المتوترة عبر الاهتمام بسكانها والتواصل معهم، ووضع استراتيجية للتعامل مع قطاعات الصراع التي يتعامل سكانها بريبة وعداء من خلال سياسات التحييد وتخفيف الاحتقان.
القوة السياسية (التحالفات الاستراتيجية والتحالفات المرحلية): لا تستطيع قوى المعارضة تنفيذ أجندتها في معزل عن المحيط الإقليمي والدولي، ولذلك فإنه يتعين صياغة رؤية للتعاون مع القوى السياسية الفاعلة، ومؤسسات المجتمع المدني.
القوة البنيوية (تعزيز البنى المؤسسية): يفرض تسارع الأحدث على القوى الفاعلة تطوير بنى مؤسسات الثورة وتحديثها، وضخ الدماء الجديدة لضمان فاعليتها واستمرارية عملها.
القوة الفكرية (مراجعة المنطلقات الفكرية وتحديثها وفق المستجدات): كشفت مرحلة "الربيع العربي" عن قصور بالغ في صياغة الهوية الوطنية وبناء الدولة وتطوير مؤسسات الإدارة والحكم، مما يفرض على القوى السياسية مراجعة بناها الفكرية ومبادئها، وتبني حزمة إصلاحية مبسطة تضمن القبول والتأييد الشعبي.
القوة البشرية (تنمية المهارات): يتعين تطوير قدرات الشباب وإدماجهم في عملية البناء وتعزيز مبادراتهم وأنشطتهم من خلال عقد الدورات التدريبية وبرامج التكوين والرعاية، وخاصة في مجالات: العمل السياسي، والاستراتيجيات الدولية، والنظم السياسية، والعمل الدبلوماسي، والعمل الإعلامي وتطوير المهارات.
القوة المعلوماتية: تحتاج القوى السياسية إلى موارد معلوماتية تساعدها على قراءة الأحداث وتقييم المرحلة ومعرفة مكامن الخلل لديها، ومن ثم التعامل مع المستجدات بمهنية واحتراف، وذلك من خلال تأسيس مراكز بحثية ومعلوماتية، وأجهزة للرصد والتحليل العلمي.


نقلا عن مركز شارك بتصرف يسير


http://islamicsham.org