وميض البرق
الكاتب : مالك فتح الله
الخميس 7 مايو 2015 م
عدد الزيارات : 2565


على مر العصور والأزمان كان اليأس داءً عضالاً، إذا أصاب الإنسان أرداه صريعًا كالأموات، وقد يقتل اليأس الأمل ويغتال روح التفاؤل الموجودة لديه، ويصرف أنظاره عن كل ما يدور حوله وعن ما يتوجب عليه من مسؤوليات تجاه نفسه وتجاه الأخرين، ويغريه في الأنانية والمنفعة الشخصية، ويبث في داخله روح الدونية والتثاقل إلى الأرض، ويقتل فيه الروح المعنوية والتي من خلالها يستطيع التغلب على المحن والتحديات التي تواجهه.
ولابد للإنسان أن يتحلى بالصبر والعزيمة وأن يلجأ إلى الله خالقه عند المصائب والملمات، ولينظر إذا ضاقت عليه الدنيا في يوم ما وحاصرته النوائب والخطوب من كل حدب وصوب وضاقت عليه الأرض بما رحبت، فهل يستطيع مخلوق في الكون مهما أوتي من القوة أو السلطة أن يدفع عنه ما ألم به من مرض أو فقد أو موت أو غير ذلك من نوائب الدهر؟
مهما اختلفت وسائل الإنسان وتنوعت طرق بحثه والتجائه ومهما علا صوت استغاثته وكيفما ضرب في الأرض واتجه إلى شرق أو غرب وحاول جاهدًا طرق جميع الأبواب سيجدها موصدة مغلقة ولا جدوى له من السؤال والبحث عن مفتاحها، عندما يصل الإنسان إلى نهاية المسير عبر نفق مظلم، وينتهي به الحال إلى حافة الهاوية، عند هذه النقطة ..
تختلط الحياة بالموت ويمتزج اليأس بالأمل، فينعتق الإنسان من أغلال نفسه، ويتحرر من أهوائه وشهواته؛ ويتخلص من شعور الحيرة والانحسار.
يستنير قلبه بسراج الإيمان ويتزود عقله بزاد المعرفة وتتزين نفسه بثوب الفضيلة ليدخل معترك الحياة مبتغيًا الخير لنفسه وللناس كافة.

كلما استطاع الإنسان أن يسمو بروحه ويرتقي بأحاسيسه ومشاعره سيتمكن من ملامسة انكسارات الآخرين وسماع أصوات آهاتهم وملامسة أوجاعهم وهمومهم، سيتمكن من تحطيم أسوار الذات وكسر صنم الأنا المتربع في داخله. ستسال أنهار دموعه في صحراء أحزانهم القاحلة، لتسري طاقة من الإيمان، يرتعش لها القلب وترتفع لها الأكف ويلهج بها اللسان، تتحول إلى دعوة صادقة؛ تنطلق كوميض البرق لا تتوقف إلا عند من رفع السموات وبسط الأرض.
في هذه اللحظة !! يتلاشى عالم المادة وتتغير قوانينه الصماء، وما بين الكاف والنون يتبدل المشهد ويتحول إلى ساحة معركة تدق فيها طبول الحرب، وطرفا النزاع فيها جنود السماء مع قوانين الأرض، لتنكسر بسيوف جنود السماء كل حواجز السبب والنتيجة التي كنا نظن أنها تهيمن على عالمنا وتقبض عليه بإحكام، ومن هول ذلك المشهد، يستحوذ علينا الاستغراب وتسيطر علينا الدهشة، لا غرابة ولا عجب ؟!
إن تجربة الخشوع الحقيقي تستلهم من التماهي مع الآخرين، عندما يدرك الإنسان المعنى الحقيقي، سيكتشف أنه قد عرف الباب الحقيقي وأن مفتاحه في حوزته. إنه باب .. السماء و مفتاح هذا الباب هو.. الدعاء
من الذي استخدم مفتاح الدعاء ولم يفتح له باب السماء؟!!
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:186].


http://islamicsham.org